فإن المصادر الحديثية لدى أهل السنة والجماعة لم تخل من هذه الأحاديث التي تدعو للجبر صراحة، منها ما رواه الترمذي عن عبد الله بن عمر بن العاص قال: " خرج علينا رسول الله (ص) وفي يده كتابان فقال: أتدرون ما هذان الكتابان؟ قلنا: لا يا رسول الله إلا أن تخبرنا. فقال للذي بيده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا. وقال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا. قال أصحابه: ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه؟ فقال: سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار، وإن عمل أي عمل، ثم قال رسول الله (ص) بيده فنبذهما ثم قال: فرغ ربكم من عمل العباد. فريق في الجنة وفريق في السعير (197).
* الأمويون وعقيدة الجبر:
إن هذه الأحاديث التي تدعو إلى عقيدة الجبر وتجعلها عقيدة إسلامية يرجع المحققون وضع أغلبها زمن الأمويين، لأنهم وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان كانوا فرسان هذه العقيدة والداعين لها. فالجبر كما قيل أموي والدليل على ذلك ما تمتلئ به بطون الكتب التاريخية من أن ملوك بني أمية هم أول من دعى إلى عقيدة الجبر، ونشرها بين العامة، وشجعوا أعراب الرواة على الكذب على رسول الله ووضع الأحاديث في الجبر.
يقول الدكتور علي سامي النشار: " كان معاوية يعلن الجبر في الشام. ثم حدث رأي المجبرة من معاوية، لما تولى على الأمر ورآهم لا يأتمرون بأمره