التنزيه أم التشبيه * الصفات الخبرية ومشكل التأويل:
تعتبر مسألة الصفات الإلهية من بين القضايا التي انفجر الخلاف حولها مبكرا بين المسلمين ويرجع ذلك، أولا: " إلى مجموع الآيات التي تعرضت لذكر صفات الله جل وعلا. بالإضافة إلى الكم الهائل من الأحاديث التي رويت عن الرسول، سواء ما صح منها أو ما تبين اختلاقه وكذبه. وتسرب إلى المسلمين عبر انتشار عقائد أهل الكتاب، حيث قام متأسلمة اليهود والنصارى بنشر كميات كبيرة من أحاديثهم وتصوراتهم العقائدية المنحرفة.
ولما جمع هذا التراث وبدأت عملية المعالجة والتمحيص، اختلفت الفئات الإسلامية من فقهاء ومحدثين وعلماء وكلاميين في هذه المعالجة. وظهرت الفرق والمذاهب على إثر ذلك، وسبب هذا الاختلاف يرجع إلى المنطلقات المنهجية لكل فرقة أو مذهب.
فحينما اكتفى الرواة والمحدثون بجمع هذه الروايات والإيمان بها جملة وتفصيلا، دون أي تفسير يخرجها عن معانيها اللغوية الابتدائية، ذهب بعض الفقهاء وعلماء الكلام إلى إقحام المنهج العقلي في معالجتها، ليس فقط على مستوى التحقيق في صحة سندها أو ضعفه. بل البحث في معانيها وما يمكن أن يؤدي إليه الفهم الأولى والظاهري للغتها. على اعتبار إن هناك آيات محكمات يعضضها العقل. يمكننا الرجوع إليها عند أي التباس فهمي يعرض لنا ونحن نقرأ الآيات المتشابهة، وأو ما ورد في بعض الأحاديث. ويمكن أن يفهم بشكل يمس عقيدة التوحيد والتنزيه الإسلامية.