أحلامهم، وعميت أفهامهم، واستحوذ عليهم الشيطان، فشبهوا وعبدوا الأصنام والأوثان، جهلا بعبادته وتنزيه الرحمن، فدعاهم إلى الإقرار بخالقهم وإلههم، وعبادته وترك ما عكفوا عليه من أوثانهم وأصنامهم، وهو جاد في الاجتهاد، هاجر للدعة والمهاد، صابرا على تكذيبهم، رادا على تفنيدهم، ينصح لهم فيستكبرون، ويهديهم فيضلون، ويحذرهم فيستهزئون، حتى أظهر الحق والدين، وطمس الكفر وأقاويل المشركين، فظهرت في الخلق بركته، وفضلت على الأمم أمته، وعلت على الملل ملته، صلى الله عليه أفضل صلاة المصلين، وسلم وزاده شرفا في العالمين، وكذا على آله الأطهار الطيبين، ورضوان الله تعالى على صحابته الشم المتقين، وعلى من تبع الحق بإحسان وتمسك بالثقلين إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا شرح لطيف على متن عقيدة الإمام أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الحنفي المصري المتوفى سنة (321 ه) بينت فيه معاني عباراته، وفحوى إشاراته، وناقشته في بعض كلماتها، وأيدته ودللت على كلامه في غالب فقراتها، ولم أختصر اختصارا مخلا، كما لم أسهب إسهابا مملا، حرصا على أن يكون هذا الكتاب منهجا لتدريس العقيدة متميزا حديثا، في كل جامعة ومعهد يصبو فيه أربابه إلى الأسلوب الواضح السهل المشحون بالأدلة من القرآن والحديث، وقد طلب مني كثيرون، وراسلني عديدون، يسألون عن شرح لعقيدة الطحاوي يوافق المعتقد الحق كما يطالبون بشرح جديد عليها يستوعب منها الأركان والمباني، ويتعرض للمهم من تلك المعاني، فلم أجد بدا عن الإجابة، فشرعت في كتابة هذا الشرح متوكلا على المولى سبحانه، مبينا فيه كل ما اعتقده حقا، ومزيفا فيه كل ما أراه زيفا، وأسأله سبحانه