وقوله (وبرأ الله المالكية فلم نر مالكيا إلا أشعريا عقيدة) إن عنى الشيخ به أنه لم ير في حياته من الأحياء الذين لقيهم من علماء السادة المالكية إلا أشعري العقيدة فالظاهر أنه مصيب لكن السياق والكلام لا يدل على أنه أراد هذا المعنى، وإن أراد أن المالكية ليس فيهم مجسمة ومشبهة خلافا لبقية المذاهب فليس هذا بصواب قطعا، وذلك لأن الطلمنكي المالكي مشبه مجسم أثبت عضو الجنب لله تعالى كما نقل ذلك عنه الحافظ الذهبي في ترجمته في (سير أعلام النبلاء) (17 / 569)، ومثله ابن أبي زمنين وابن رشد الحفيد الفيلسوف وغيرهم لكنهم قليل في المذهب.
وقوله (بأن علماء المذاهب تلقوا عقيدة أبي جعفر الطحاوي بالقبول ورضوها عقيدة) لا ينفي أن يكون فيها خطأ أو ما هو مناف للصواب أو ما لا يقبل النقاش، لأنها ليست قرآنا ولا كلاما لنبي معصوم والمجسمة والمشبهة في هذا العصر تشبثوا بهذا الكلام فزعموا بأن شرح هذه العقيدة لابن أبي العز هو عقيدة السلف!! مع أنهم خالفوا الإمام الطحاوي صاحب المتن في بعض ما قال، وذلك حيث خالفوه في مثل قوله: (تعالى - الله - عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات ألست كسائر المبتدعات) فأثبتوا الجهة والحد لله عز وجل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا!!!
ونحن نقول: إن كلام الإمام السبكي هذا يوهم أن عقيدة الطحاوي هذه مجمع عليها وبالتالي حصل الاتفاق والإجماع على كل حرف أو عبارة منها، والواقع ليس كذلك حقا بل إن فيها عبارات أما أن يقال فيها مختلف في قضاياها ويجب أن نأخذ بالصحيح الراجح، وأما أن يقال أخطأ فيما ذهب إليه في تلك العبارات، ولنا أن نقول: إن عقيدة الطحاوي تمثل عقيدة واحد من السلف (وهو الطحاوي لا غير) وتخبرنا بأن السلف ليس لهم مذهب موحد لا في الفقه ولا في العقيدة ولا في الجرح والتعديل ولا في غير ذلك كما سنبين ذلك مختصرا إن شاء الله تعالى في الكلام على الأدلة الموهومة الباطلة التي يستدل بها بعض الناس في العقيدة والتي