وهناك حديث آخر مثله في مسلم (1 / 187) من حديث أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما وفيه " قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به فمخدوش ناج ومكدوس في النار " وهذا آحاد أيضا لا يقطع به، وهو من طريق أبي مالك الأشجعي وقد قال فيه أبو حاتم: صالح الحديث يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس به بأس، كما في " تهذيب الكمال " (10 / 270) فهو ليس في الدرجة العليا من الحفظ والضبط، وليس حديثه هذا مقطوعا به بل هو معارض للقطعي كما سترى إن شاء الله تعالى عند مناقشة الفكرة الثانية.
وبقي من الأحاديث المهمة في هذه المسألة ما رواه مسلم أيضا (1 / 179) عن سيدنا جابر وفيه " ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه. قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذلك. قال: غير أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها ". ففيه شك صريح فيما رواه في الصراط، وقد اعترف بذلك الراوي فكيف نبني على الشك أصول الدين؟!
وروى أحمد (4 / 182) والترمذي (5 / 144) عن النواس بن سمعان أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس أدخلوا الصراط جميعا ولا تتفرجوا وداع يدعو من جوف الصراط فإذا أراد يفتح شيئا من تلك الأبوب قال ويحك لا تفتحه فإن تفتحه تلجه، والصراط الإسلام، والسوران حدود الله تعالى، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله عز وجل، والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم " وهو صحيح، والصراط هنا هو الطريق وهو ضرب مثل في هذا الحديث.
وكثير من الناس عند سماعهم لكلمة صراط لا يتخيلون إلا الجسر الدقيق الذي هو أدق من الشعرة وأحد من السيف، مثل الحبل الذي يمشي عليه بعض الناس أحيانا فربما وقع وربما سار عليه!!