وما ذهب إليه بعضهم من قولهم إن ذلك التأثير متعلق بالأمور الدنيوية وليس فيما يخص الدين والتبليغ قول لا دليل عليه وهو تعليل باطل عندنا، وفد اطلعنا على ما كتبوا فيه، وفساده لا يساوي ذكره إلا إن أحتاج الأمر والله الهادي.
ولهذه الأمور صرح الإمام أبو عبد الله الحاكم في كتابه " المدخل إلى كتاب الإكليل " ص (39) حيث قال:
" وحديث أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: طب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشئ ولا يفعله.
قال الحاكم: هذا الحديث مخرج في الصحيح وهو شاذ بمرة ".
والذي يؤكد ذلك الشذوذ أنه قد وقع في بعض روايات الحديث كما في " الفتح " (10 / 230) أن سيدنا جبريل نزل عند ذلك بالمعوذتين... وهذا يخالف ما هو مشهور من أن المعوذتين مكيتان!!
ولو كان الحديث صحيحا لصح الباطل وهو قول كفار مكة يومئذ فيما حكاه الله تعالى في كتابه عنهم (إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) الإسراء: 47، وقال تعالى (وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) الفرقان: 8.
ثم إن الحديث فيه اضطراب في اسم الساحر ونعته ففي بعض الروايات أنه يهودي وفي بعضها أنصاري وفي بعضها منافق كما تجد ذلك في " شرح مشكل الآثار " (15 / 179 - 181) للإمام الطحاوي والتعليق عليه، وكذا " الفتح " (10 / 226).
وكذا وقع الخلاف والاضطراب في مدة تأثير السحر!!
ومن ذلك كله نقول بأن الحديث شاذ مردود، والله أعلم.