أمكن تخيلها ولما صح وصفه بأنه فيها وأنه في جهة ما فوق العرش، ولما صحت أيضا إشارتهم إليه، فهم بناء على ذلك يتخيلون أن الله تعالى ذات من الذوات الجسمانية فيقيسونه سبحانه على الأجسام التي وصفناها قريبا وأنه خلق العالم والعرش تحته فصار هو فوقه!! فهم إذا يتصورون ويتخيلون بأن الله تعالى قبل خلق هذا العالم وإيجاده من العدم كان له تحت!! وإذا كان له تحت فله فوق وأمام وخلف ويمين ويسار!!
فالعقدة الموجودة في عقول هؤلاء المجسمة والمشبهة هي أنهم لم يسلموا للشرع فلم يقولوا بأن الله تعالى لا يمكن إدراكه وتصوره وأنه خارج عن كل ما يجول في الأوهام ويحوم في الخواطر والنفوس، ولو أنهم سلموا بوجوده سبحانه مع إقرارهم بأنه لا يمكن تصوره لنجوا وكانوا على عقيدة الإسلام الحقة عقيدة التنزيه!!
وعلى كل حال فنحن نقول لهم: لا نصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه فأين قال الله تعالى في كتابه أو النبي ص في سنته بأن الله سبحانه خارج العالم أو داخل العالم وما هو دليلكم على ذلك؟! فإن أتيتم بالنصوص التي تسمونها نصوص العلو أتيناكم بالنصوص الأخرى التي تقابلها في القرآن والسنة والتي يوهم ظاهرها أيضا بأنه سبحانه حال في الكون، ونقول لكم ساعتئذ ما الذي أوجب اعتقاد ظاهر تلك النصوص دون ظاهر هذه إلا الهوى المجرد والتعصب الذي لا معنى له سوى التقليد دون التنقيد، والله المستعان!!
وقد جاءت نصوص عديدة في القرآن الكريم والسنة المطهرة الصحيحة تبطل المكان لله تعالى وبالتالي تبطل أن يتصور وجوده داخل العالم متصل به أو خارج العالم منفصل عنه وقد صرح بذلك أئمة أهل العلم، فمن تلك النصوص:
1 - ما ثبت عن سيدنا حذيفة رضي الله تعالى عنه (كان - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا مر بآية فيها تنزيه الله سبح).