من باطن الأرض، ويقال: نزل الأمر بهم، ومنه قوله تعالى: * (فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين) * ومنه قوله تعالى: * (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) * الزمر: 6، وهذه الأنعام لم تمطر السماء بها قط، ومعنى أنزل هنا جعل كما في تفسير الحافظ السلفي ابن جرير (23 / 194).
ثم لنعلم جميعا أن هناك نصوصا كثيرة في الكتاب والسنة الصحيحة يوهم ظاهرها أن الله في الأرض أو في كل مكان، منها:
قوله تعالى: * (والله معكم) * سورة سيدنا محمد: 35، وقوله * (وهو معكم أين ما كنتم) * الحديد: 4 والضمائر مثل (هو) تعود على الذوات لا على الصفات أصلا كما هو مقرر في العربية والآية التي قبلها * (والله معكم) * تثبت ذلك قطعيا، وقوله تعالى: * (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا) * المجادلة: 7.
فلقائل ء أن يقول: تفسير قوله تعالى * (إلا هو رابعهم) * بالعلم، باطل، وهو تأويل ركيك، لأن قوله تعالى بعد ذلك: * (إلا هو معهم أين ما كانوا) * ينسف هذا التأويل بالعلم نسفا، وله أن يقول: إن الصفات لا تفارق الموصوفات.
فإن قال قائل: إن قلتم إنه في كل مكان لزم منه أن يكون في الأماكن النجسة والمستقذرة!! قال له خصمه: كلا بل هو متجاف عنها كما أن أحدنا يمكن أن يكون في أي مكان أو كل مكان إلا أنه لا يكون ما دام عالما مختارا قادرا في القذر أو النجس. وهذا افتراض لجدل باطل وتعالى الله عن ذلك.
وقوله تعالى: * (ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون) * أي لو كشف الحجاب لأبصرتم، فهذا ينفيه التأويل للآية السابقة بالعلم، وكذلك ينفيه قوله تعالى: * (إنني معكما أسمع وأرى) * والأصل في العربية في لفظة * (إنني) * أنها تعود على الذات الموصوفة بالسمع والرؤية.