القرآن بالعجمية والظواهر، ولنفهمه بالعربية الفصحى وبأساليبها في المجازات الاستعمارية، والدقائق البلاغية.
ومن تلك الآيات أيضا قوله تعالى: * (أأمنتم من في السماء) * ومعناها أأمنتم من شأنه عظيم، لأن العرب إذا أرادت أن تعظم شيئا وصفته بالعلو فتقول: فلان اليوم في السماء، وفي المقارنة تقول: أين الثرى من الثريا، والثريا نجم عال في السماء.
فيكون معنى الآية أأمنتم من العظيم الجليل صاحب الرفعة والربوبية والبطش أن يخسف بكم الأرض، أو يكون المراد بقوله تعالى: * (من في السماء) * سيدنا جبريل أو أي ملك يرسله الله ليخسف أي قرية أو أي موضع من الأرض، كما أرسل الملك الذي خسف الأرض بقوم سيدنا لوط عليه السلام، والملائكة مسكنها السماء. بصريح أدلة كثيرة منها ما رواه البخاري (فتح 2 / 33) ومسلم (برقم 632) مرفوعا: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم - وهو أعلم بهم -:
كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)، هذا مع قول الله تعالى: * (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) * فالعربي يفهم من هذا أن مسكن الملائكة الأصلي في السماء وليس في الأرض.
وأما الآيات التي فيها ذكر النزول كقوله تعالى: * (نزل به الروح الأمين) * الشعراء: 192 وقوله تعالى: * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) * فلا دلالة فيها لما تريده المجسمة البتة، وإنما فيها أن الملائكة تنزل من السماء إلى الأرض، وأن القرآن نقله سيدنا جبريل عليه السلام من السماء أو من اللوح المحفوظ الذي هو فوق السماء السابعة إلى الأرض بأمر الله تعالى.
وكل ما أنعم الله به علينا من نعم ورزق أمدنا به يقال: أتانا من الله أو أنزله الله تعالى إلينا، ومنه قوله تعالى * (وأنزلنا الحديد) * مع أن الحديد يستخرج