فرجع الأمر والنظر هنا إلى أنه هل يستحيل وجود موجود بلا مكان ولا جهة ولا اتصال ولا انفصال أم لا؟!!
فإن قسناه على أجزاء هذا العالم وما نراه ونعقله كان الجواب يستحيل وجوده.
وإذا تركنا القياس ونظرنا إلى أدلة الشرع المحكمة التي تنص على أنه ليس كمثله شئ لا في الذات ولا في الصفات كان ذلك هو الحق وهو عقيدة الإسلام المنزهة لرب العزة عن التشبيه والتمثيل وكان القائل بذلك آخذا بقول الله تعالى * (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) *، لأن الذي ينزه الله عن لوازم الجسمية وخصائصها هو الذي يقول اتهمت عقلي في إدراك الخالق سبحانه وتعالى وأنا عاجز عن ذلك كل العجز، فقد صدقت بوجوده وآمنت بصفاته واتهمت عقلي عن إدارك خالقي سبحانه وتعالى.
وقد ضرب لنا سبحانه وتعالى أمثلة في مخلوقاته فأرانا أشخاصا وكذا عجائب مخلوقاته في الرؤيا من جبال وأودية وبحار عظيمة وأنهار دون أن تكون أجساما آخذة حيزا في الفراغ مع أن لها حدا ومقدارا وجهة وشكلا وصورة، وقريب من هذا الباب قول النبي ص (لقد عرضت على الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط، وأنا أصلي، فلم أر كاليوم في الخير والشر) رواه البخاري (في مواضع منها 13 / 265) وليس ذلك من الخيال البتة بل هو حقيقة لقوله ص في حديث وقع له في الصلاة حين عرضت عليه الجنة فقال: (فعرضت على الجنة حتى لو تناولت منها قطفا (من عنب) (169) أخذته) رواه البخاري (2 / 540) ومسلم (2 / 622 برقم 9) واللفظ له وفي رواية أخرى في مسلم (برقم 10) (ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه. ثم بدا لي أن لا أفعل) والنبي ص لا يمد يده إلى خيال ولا يتعلق بغير حقيقة ويدل على ذلك قوله في بعض روايات الحديث (ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا) (رواه البخاري في مواضع منها 2 / 540).
فإذا كانت هذه الأمور حاصلة في المخلوق المحدث فكيف بالخالق جل