عنوان عنه صحت الجماعة بالأولوية ويندفع: بأنه في صورة نية الاقتداء بزيد، واعتقاد أنه هو هذا الحاضر، لا إمام نوى الاقتداء به، ووجود إمام لم ينو الاقتداء به لا يجدي، وكان وجوده كعدمه، فهما من هذه الجهة متساويان، كما أن وجه البطلان في مورد الرواية عدم إمام صالح للإمامة، مع نية الاقتداء به حقيقة، ووجه البطلان في ما نحن فيه عدم نية الاقتداء بالإمام الحاضر، فكل منهما فاقد لشرط من شرائط الجماعة، وقيام الدليل على صحة أحدهما لا يوجب صحة الآخر.
ثم إن المعروف بين المتأخرين تقييد صحة الجماعة في الصورة الأخيرة التي أفتوا بصحتها بما إذا كان الإمام الحاضر عادلا وفيه بحث من وجهين.
الأول: إن قصد الاقتداء إذا تعلق ابتداء بهذا الإمام الحاضر، فلا بد من إحراز عدالته بما هو لا بما هو زيد، وإلا لكان قاصدا للاقتداء بزيد بما هو، وهو مورد حكمهم بالبطلان مطلقا، ومع إحراز عدالة الإمام الحاضر لا معنى للتريد بين كون عمرو عادلا واقعا، أو لا، إلا بناء على شرطية العدالة الواقعية، بخلاف الصورة السابقة، فإن من أحرز عدالته وهو زيد لم ينكشف خلافه بل المفروض تخلف المقصود بالذات عندهم، ومنه تعرف أنه لا مجال لهذا التشقيق إلا في الصورة السابقة التي صححناها، فإن إحراز عدالة الإمام يتبع إحراز عدالة زيد، والمفروض أنه عمرو لم يحرز عدالته.
الثاني: إن اكتفينا في إحراز عدالة الإمام الحاضر بإحرازها من طريق اعتقاد أنه زيد، فلا فرق بين أنحاء تخلف الاحراز وعدمه، وإن لم نكتف بذلك فمن أحرز عدالته وهو زيد لم يكن موجودا، ومن كان موجودا لم نحرز عدالته إلا على احتمال كفاية العدالة الواقعية، ولو مع عدم إحرازها، ولا أظن أن يقولوا به، وإلا لصحت الجماعة ممن اعتقد فسق الإمام جاهلا بلزوم عدالة الإمام، بحيث تمشى منه قصد القربة وكان الإمام عادلا واقعا.
ومما ذكرنا تبين أنه لا حاجة إلى التقييد بعدالة عمرو واقعا. وأما دعوى أنه لا دليل على المعذورية إلا في صورة انكشاف عدم الصفة لا عدم الموصوف فيدفعها