السلام): " فإذا جهر فانصت " من قبيل الأول، وقوله (1) (عليه السلام): هنا " إنما أمر بالجهر لينصت من خلفه " من قبيل الثاني، والفرق بين التقريبين إن مبنى الأول على استكشاف استحباب ترك القراءة من استحباب الانصات كما عن الشيخ الأجل (قدس سره) في بعض تحريراته (2)، ومبنى الثاني على استكشاف رجحان ترك القراءة من استحباب إجهار الإمام، فالأول مبني على استحباب الانصات، والثاني، مبني عليه استحباب الانصات.
ومنها: رواية المرافقي (3) " أنه سئل عن القراءة خلف الإمام فقال: إذا كنت خلف الإمام تتولاه وتثق به فإنه يجزيك قراءته وإن أحببت أن تقرء فاقرء فيما يخافت فيه فإذا جهر فانصت " الخبر فإن قوله (عليه السلام): في مقسم الصورتين " فإنه يجزيك " لا يفيد إلا عدم الحاجة لي القراءة لقيام الإمام بهذه الوظيفة، ولا يدل على حرمة القراءة أو كراهتها بوجه والمقابلة بين الصورتين باستحباب القراءة في صورة عدم السماع واستحباب الانصات في صورة السماع، فلا تدل المقابلة إلا على عدم رجحان القراءة فلا دلالة للمقسم ولا لحكمي القسمين على الحرمة، ولا على الكراهة، بل باعتبار الملازمة بين الانصات وترك القراءة لا يفيد أزيد من استحباب ترك القراءة. فتدبر.
ومنها: رواية (4) علي بن جعفر (عليه السلام) وفي آخرها " هل له أن يقرء من خلفه؟ قال: لا، ولكن لينصت لقراءته " فإن سياق الحكمين واحد، فكما أن المراد من الأمر بالانصات هو الاستحباب كذلك المراد من النهي هو التنزيه لا التحريم، فهذه الأخبار قرينة على أن المراد من النهي عن القراءة أحد أمرين، أما مجرد رفع الوجوب إما لرسوخ وجوب القراءة في الصلاة في الأذهان، أو لبناء العامة عليها كما قيل، وإما الكراهة. لكنك قد عرفت في المبحث السابق أن المراد ليست الكراهة