مقصرا في تعريف شخصية هذا العظيم ووصفه بما يستحق. ولكن ليتذكر أني أنا الذي تفاءلت له بعرفان هذه الشخصية، وبشرته بأنه سيبني أبحاثه الآتية في الفقه والأصول على أساس نظرياته المحكمة وسيتخذ طريقته منهاجا لبحثه، فسبقت إلى فضيلة هذا التفاؤل العلمي. وما يضيرني أن يظن البعض بي الظنون، فيرميني بالغلو كما يرمى به كل تلاميذ هذا الأستاذ الذين لهم مثل هذا الاعتقاد، إلا أنه ليعلم أن أول فتح هذا الفأل نشر هذا الكتاب (يعني الكاتب حاشية المكاسب)، إذ يصبح في متناول كل باحث مفكر. وهل يلذ لمقتطف ثمار هذه الشجرة الطيبة أن يقتطف من غير هذه النبعة؟ وهل يطيب لمن عب من هذا الفرات السائغ أن يحتسي من غير وروده؟ إني أباهلك أيها القارئ إن كنت من ذوي العلم والبصيرة قال صاحبه المرحوم الحجة الشيخ محمد حرز الدين حول شخصية المترجم له:
كان عالما محققا فيلسوفا ماهرا في علمي الكلام والحكمة وله الباع الطويل في الأدب العربي والفارسي والتاريخ والعرفان وأجاد في شاعريته ونظم عدة قصائد وأراجيز ملؤها المعاني الجسيمة والابداع والرقة والانسجام وكان مدرسا بارعا في علمي الفقه والأصول وآخر أيامه صار مرجعا للتقليد رجع إليه بعض الخواص والتجار في بغداد وأفراد من بعض المدن العراقية وسمعت هكذا في طهران والشيخ من خلص أصحابنا في النجف وكان مدرسا قديرا أجاز كثيرا من أهل الفضل إجازة الاجتهاد (1).
قال شيخنا البحاثة آغا بزرك الطهراني صاحب الذريعة: ولما توفي شيخنا الخراساني (الآخوند) برز بشكل خاص وحف به جمع من الطلاب واستقل بالتدريس في الفقه والأصول وكان جامعا متفننا شارك بالإضافة إلى ما ذكر في الكلام والتفسير والحكمة والتاريخ والعرفان والأدب إلى ما هنالك من العلوم وكان متضلعا فيها وله في الأدب العربي أشواطا بعيدة وكان له القدح المعلى في النظم والنثر