هو الكتاب الناطق الربوبي * ومخزن الأسرار والغيوب يفصح عن مقام سر الذات * يعرب عن حقائق الصفات إلى أن يقول:
وحاله أبلغ من مقاله * جل عن الوصف لسان حاله فإنه معلم الضراعة * والاعتراف منه بالإضاعة مقامه الكريم في أقصى الفنا * تراثه من جده حين دنا وأعلى آثاره الفلسفية وأغلاها أرجوزته في الحكمة والمعقول (تحفة الحكيم) التي هي آية من آيات الفن مع أسلوبها العالي السهل الممتنع، جمعت أصول هذا الفن وطرائف هذا العلم بتحقيق كشف النقاب عن أسراره وأزاح الستار عن شبهاته، وإن دلت على شئ فإنما تدل على أن ناظمها من أعاظم فلاسفة الإسلام الذين لا يسمح بمثلهم الزمن إلا في فترات متباعدة، لولا أن شيخنا غلب عليه الفقه والأصول وانقطع إليها عن الظهور بالفلسفة.
وإليك بعض أبيات أرجوزته شاهدة على سلامة ذوقه، وقدرته على التصرف بالألفاظ السهلة الواضحة في أدق المعاني العملية، فقد قال في " أصالة الوجود ":
يختص بالوجود طرد العدم * إذ ما سواه عدم أو عدمي وليس العلة للمعلول * مناط طرد العدم البديل وهو مدار الوحدة المعتبرة * في الحمل بل كانت به المغايرة ومركز التوحيد ذاتا وصفة * وفعلا أيضا عند أهل المعرفة وقال في مبحث (تعريف الوجود):
الحد كالرسم على التحقيق * يوصف بالاسمي والحقيقي ولا يقال في جواب الشارحة * إلا حدود أو رسوم شارحة وقد كشف في هذين البيتين عن حقيقة (ما الشارحة)، تنبيها على ما علق في أذهان طلاب العلم من مرادفة التعريف اللفظي لشرح الاسم ومطلب، (ما الشارحة)، وإن كان قد يراد من شرح الاسم التعريف اللفظي أحيانا. ومنشأ هذا الاشتباه ما ذكره الحكيم السبزواري في شرحه لمنظومته من ترادف التعريف اللفظي