عليه في أواخر أيامه النحافة والصفرة، صغير العمة على غير المألوف من عادة أمثاله، كث اللحية، ساهم الطرف أكثر نظره إلى الأرض، لا ينظر إلى محدثه إلا ملاحظة، يبدو للناظر مثقلا بالهموم والتفكير المتواصل، على أنه حاضر النكتة المرحة حتى في أثناء درسه، أنيس المحضر رقيق الحاشية، يجلب السرور إلى جليسه مع حشمة الناسك ووقار العالم، متواضعا حتى للصغير، خافض الصوت إلى حد الهمس أو يكاد وهذا ما كان من أكبر المشكلات على تلاميذه في درسه، وكم طالبه البعيد على مجلسه أن يرفع من صوته. فإذا استجاب لهم في كلمات عاد إلى سجيته أو عادته فتكثر الشكوى، ولكنه لا يزال هو هو في همسه وهم هم في شكواهم ، ويزيد المشكلة تعقيدا بعد أنظاره الشريفة ودقه أبحاثه ونكاته العلمية.
أما ما كان عليه من التهجد والعبادة فهذا ما يكشف عنه أنه كان عارفا إلهيا متفانيا في مقام الشهود، منقطعا إلى حظيرة القدس. لا يلتذ إلا بالمناجاة الروحانية، ولا يأنس إلا بالوحدة والانقطاع إلى مقام المقربين.
مؤلفاته كان لشيخنا أعلى الله مقامه قلم سيال ورغبة في التأليف والانتاج منقطعي النظر وكان من ميزاته أن يفرغ كل مؤلفاته لأول مرة في المبيضة التي يعدها للتأليف، لا على عادة أكثر المؤلفين في اتخاذ مسودة لها. فلم يكن يحتاج إلى إعادة النظر فيما يكتب وتعديله وتصحيحه وهذا دليل القريحة الوقادة التي لا تجارى، وقد أنتج طيلة حياته عدة مؤلفات قيمة هي مفخرة العلم والأدب وإليك بعضها:
1 تعليقة على كفاية الأصول، وقد طبع منها الجزء الأول في إيران وأضاف عليها بعد طبعها تعليقات نفيسة لا يستغنى عنها (وطبع الجزء الثاني بعد هذه الكلمة).
2 تعليقة ضافية على المكاسب (طبعت هذه الترجمة في مقدمتها).
3 تعليقة على رسالة القطع للشيخ الأنصاري (قدس سره).
4 و 5 و 6 رسائل في الإجارة وصلاة الجماعة وصلاة المسافر وهو هذا المطبوع