وبعبارة أخرى: كان في حال القدرة على التعلم مأمورا بإيجاد طبيعة الصلاة التامة المخير فيها بين الفرادى عن قراءة تامة والجماعة، ومع تعذر أحد الفردين يتعين الآخر عقلا.
وفيه: أنه إن كان الغرض إن القدرة على الائتمام قدرة على القراءة التامة ومعها لا مجال للتنزل إلى القراءة الناقصة، فمن البين أن القدرة على الائتمام قدرة على الصلاة الفاقدة للقراءة رأسا، وقراءة الإمام سواء كانت بدلا أو مسقطا ليست مقدورة للمأموم حتى تكون من افراد القراءة المأمور بها المكلف، لئلا يصدق معها العجز عن القراءة التامة. وإن كان الغرض إن الائتمام عدل وبدل للصلاة المشتملة على القراءة التامة، ومع تعذرها يتعين الفرد الآخر كما هو الشأن في كل واجب تخييري شرعي أو عقلي - ففيه أنه إنما ينتج التعين إذا كانت الجماعة عدلا للصلاة المشتملة على القراءة التامة فقط، وأما إذا كانت الجماعة عدلا للصلاة فرادى بجميع مراتبها، فلم يتعذر الصلاة فرادى بل تعذرت صلاة المختار، والدليل على كونها عدلا في جميع المراتب إطلاق دليل البدل، وعدم تقيده بعدم التمكن من الائتمام، واطلاق دليل التخيير والاستحباب، ولو نوقش في شمول ما تقدم من قوله (عليه السلام) (1): " لا يحسن أن يقرء القرآن " للعاجز بالعرض واختصاصه بالعاجز بالذات، لكفى ساير ما يستدل به على بدلية الأبدال مثل قوله (عليه السلام) (2): " الميسور لا يسقط بالمعسور " فإنه غير متقيد بعدم التمكن من الائتمام، وليس الائتمام ميسورا من الصلاة المشتملة على قراءة تامة حتى لا تصل النوبة إلى البدل. وأما دعوى اختصاص التخيير بالقادر وكذا الاستحباب فمدفوعة: بأن لازمه الالتزام بوجوب الائتمام بالذات لا بالعرض على العاجز رأسا، وكذا دعوى اختصاصه بالقادر والعجز رأسا لا العاجز بعد القدرة فإنها مدفوعة بأن القدرة والعجز لا دخل لهما في استحباب الجماعة، ولا في كونهما أفضل فردي الواجب