ثانيها: مثل ما في صحيحة (1) عبد الله بن سنان " الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذ (أي الفرد) بأربع وعشرين درجة " نظرا إلى أنه لجعل استحباب الجماعة في الصلاة بما هي بجعل لازمه وهو الثواب المخصوص، وبه يندفع الايراد بأن الاطلاق مسوق لحكم آخر، فإنه مبني على أن المجعول هو الثواب على الجماعة المشروعة، وأما إذا قلنا إنه تشريع للجماعة ببيان ثوابها فلا موقع للايراد.
ومنه تعرف أنه بناء على هذا التقريب لا فرق بين ما إذا كانت العبارة الصلاة في جماعة أو كانت صلاة الجماعة كذا، بتخيل أن مشروعية الجماعة بإضافة الصلاة إليها مفروغ عنها فالحكم في الثانية ثابت للجماعة المشروعة، فلا تثبت بها المشروعية بخلاف العبارة الأولى، مع أن مجرد الإضافة لا يوجب الفراغ عن المشروعية، ولذا يصح صلاة الجماعة في كذا غير جائزة، نعم ظاهر هذه الصحيحة كساير الأخبار أنها في اليومية.
ثالثها: اثبات استحباب الجماعة في الفرائض من باب التسامح في أدلة السنن، ولو بفتوى الفقيه كيف والمشهور استحبابها في الفرائض كلها، بل نسبته في المنتهى إلى علمائنا.
أقول: بعد النباء على صدق البلوغ بفتوى الفقيه وثبوت الاستحباب شرعا بأخبار من بلغ (2) أورد عليه بوجوه:
أحدها: إن الجماعة ليست من الأمور المستحبة شرعا بل هي مصداق للواجب وأفضل الفردين منه، فلا يمكن اثبات مشروعيتها بدليل التسامح المتكفل لاثبات الاستحباب وهو في الحقيقة بلا محصل إذا لم يرجع إلى الوجه الآتي، إذ لا تكون خصوصية الجماعة موجبة لكون الصلاة المتكيفة بها أفضل الأفراد إلا برجحان هذه الخصوصية ومطلوبيتها شرعا في الصلاة، وبها تكون أفضل الأفراد، وفردية ذات