في الأولتين، كما قربناه، فاللازم الترخيص في القراءة مع المرجوحية وهو القدر المتيقن من التبعية المنصوصة في الخبر من حيث المورد ومن حيث الحكم مضافا إلى أن صحيحته الآخر قرينة على إرادة مطلق المرجوحية من النهي عن القراءة لتضمنه المنع عن القراءة في الأخيرتين بالنسبة إلى الإمام مع دعوى الاجماع على عدم حرمتها عليه، مع أنه مقتضى الجمع بين الروايات المتضمنة لحكم الإمام.
ومنه تبين: مدرك القول بحرمة القراءة وتعين التسبيح، فإنه ليس إلا النهي عن القراءة في الأخيرتين، إما مطلقا أو في خصوص الجهرية، فإن هذه النواهي أخص من أخبار تخيير المصلي بين القراءة والتسبيح. لورودها في خصوص الجماعة التي لها أحكام مخصوصة.
ويندفع بعضها: بما مر، ومثل رواية جميل بن دراج (1)، ورواية معاوية بن عمار (2) الآمرة للإمام بالقراءة وللمأموم بالتسبيح كالثانية، أو للإمام بالقراءة ونهي المأموم عن القراءة كالأولى: بأن الأمر بالتسبيح كالا مر بالقراءة والنهي عنها كالأمر بها، مع وضوح عدم تعين القراءة على الإمام، فلا يتعين التسبيح على المأموم، بل هو أفضل الفردين في الجماعة كما هو كذلك في غيرها على ما هو الظاهر من أخبارها.
نعم، بناءا على ما ذكرناه سابقا في صحيحة ابن سنان (3) أن موردها الجهرية، فقوله (عليه السلام) في آخرها: " ويجزيك التسبيح في الأخيرتين " كما يستفاد منه أنه هناك شئ آخر يجتزي به، كذلك يستفاد منه: إن موقع التسبيح موقع الاجزاء والاجتزاء، فيؤمي إلى أرجحية القراءة، خصوصا إذا كان السؤال بعده بقوله: أي شئ تقول أنت؟ قال (عليه السلام): " اقرأ فاتحة الكتاب " سؤالا عن حكم نفسه، ويكون " اقرأ " أمرا بالقراءة، لا سؤالا عما يفعله الإمام (عليه السلام) وإخبارا بأن عمله على القراءة وإن كان الظاهر هو الثاني.