يظن من قوله تعالى عن القبط (وإنا فوقهم قاهرون) ركوب القبط على أكتاف بني إسرائيل، مع إمكان ركوب جسم على جسم، وكيف يتصور ذلك في الله تعالى المنزه عن الجسم ولوازم الجسمية، واعتبار ذات الله فوق عباده فوقية مكانية إلحاد ليس من مدلول الآية في شئ. وكون ذاته جل جلاله فوق إحدى السماوات فوقية مكانية وفوق كل مكان فوقية مكانية مثل ما قيل في الزيغ، وأين في القرآن ما يوهم ذلك.. " (1).
وقال: "... هذا، ولم يرد لفظ الجهة في حديث ما، بل قال أبو يعلى الحنبلي في (المعتمد في المعتقد): ولا يجوز عليه الحد ولا النهاية، ولا قبل ولا بعد ولا تحت ولا قدام ولا خلف، لأنها صفات لم يرد الشرع بها، وهي صفات توجب المكان.
ولعله آخر مؤلفاته، بدليل أن امتحانه في الصفات كان سنة 429 قبل وفاته بنحو ثلاثين سنة. فمن أثبت له جهة فقد أثبت له أمثالا وأشباها، مع أنه لا مثل له ولا شبيه، قال تعالى (ليس كمثله شئ) وقال تعالى (أفمن يخلق كمن لا يخلق). فلعائن الله على من يثبت له تعالى ما لم يثبت له الكتاب ولا السنة، من الجهة ونحوها ".
"... ولم يقع ذكر الجهة في حق الله سبحانه في كتاب الله، ولا في سنة رسوله، ولا في لفظ صحابي أو تابعي، ولا في كلام أحد ممن تكلم في ذات الله وصفاته من الفرق، سوى أقحاح المجسمة... وأتحدى من يدعي خلاف ذلك أن يسند هذا اللفظ إلى أحد منهم بسند صحيح، فلن يجد إلى ذلك سبيلا، فضلا عن أن يتمكن من إسناده إلى الجماهير بأسانيد صحيحة... " (2).