فكيف يقال بمعذوريته وبقاء خياره؟! ولا يقاس بالجهل بالموضوع فإنه ليس كالجهل بالحكم اتفاقا، كما أنه لا مجال لدفعه بعموم دليل نفي الضرر أو اطلاقه، أو يكون رفع الضرر عن الجاهل بالحكم فيه كمال المنة، فإنه مع فرض انطباق كلية عدم معذورية الجاهل بالحكم يرجع إلى دعوى تخصيص تلك الكلية بغير مورد الخيار، مع إنه لم يعهد هذا الاستثناء من علمائنا الأخيار، بل اقتصروا في الاستثناء على موارد مخصوصة.
بل التحقيق في رفع المنافاة أن بقاء الخيار مع الجهل ليس من حيث الجهل بالخيار بعنوانه، بل من حيث بقاء موضوعه، وهو عدم التمكن من دفع الضرر، وبقاء الحكم ببقاء موضوعه معنى، وبقاء الحكم لأجل الجهل به معنى آخر، فتدبر جيدا.
ثم إن بقاء الخيار ببقاء موضوعه بناء على أن موضوعه من لا يتمكن من دفع الضرر عن نفسه، أو على أن الغاية المقصودة من نفي الضرر تمكنه من دفع الضرر واضح، حيث إنه مع الغفلة والجهل المركب لا يتمكن من دفع الضرر عن نفسه، والغاية المقصودة غير حاصلة، وأما إذا لم يكن موضوعه إلا المتضرر وأن الغاية أن لا يقع في الضرر، لا أن يتمكن من دفع الضرر، ومع ذلك قلنا بالفورية بتقريب أن لزوم العقد من أول الأمر ضرر مستند إلى الشارع فهو مرفوع، بخلاف ما إذا مضى زمان ولم يرفع الضرر عن نفسه فإنه يستند بقاء الضرر إليه لا إلى الشارع، فحينئذ يشكل الأمر، إذ لزوم العقد بعد مضي ذلك المقدار مستند تارة إلى عدم رفعه باختياره، وأخرى إلى عدم رفعه لجهله، فحيث إن بقاء الضرر غير مستند في الصورتين إلى الشارع فلا موجب لنفيه بالقاعدة، ولا يعقل حينئذ العموم والاطلاق في القاعدة، إذ المرفوع هو الضرر المستند إلى الشارع، فلا يعقل كون العموم والاطلاق في غير دائرة الضرر المستند إلى الشارع، فلا تغفل.
ويمكن أن يقال: إن الوقوع في الضرر حدوثا وبقاء لازم نفوذ العقد وصحته لذهاب ما به التفاوت من كيسه جزما بنفس العقد الصحيح، والمفروض عدم ارتفاع الصحة بقاعدة نفي الضرر، فحينئذ ليس اللزوم والالزام بالوفاء شأن إلا اللابدية، وعدم