إن الغبن بواسطة انقلاب اليد الأماني إلى الخيانة بسبب التفريط يدخل في عهدة الودعي، ومن آثار عهدة العين رد بدلها عند تلفها، واسقاط العهدة اسقاط أمر ثابت بالفعل.
وأما التبري من العيب فمرجعه إلى عدم الالتزام بالعيب، ومع قبول المشتري يكون إقداما منه على الضرر، فيكون دفعا للخيار لا رفعا للخيار بمجرد وجود سببه، وما نحن فيه ليس من هذا الباب، إذ المفروض الاسقاط بعد العقد، لا شرط عدم الخيار في العقد ليكون دفعا للخيار.
نعم قد مر (1) منا في البيع بشرط الخيار برد الثمن أن الرضا المتجدد ببقاء العقد على حاله دفع للخيار، ولا مانع من شمول قوله (عليه السلام) (فذلك رضا منه) لمثله، فاظهار الرضا بالعقد بقاء وإن لم يكن اسقاطا حقيقة للخيار إلا أنه دافع له، ومعه لا يثبت الخيار بظهور الغبن.
- قوله (قدس سره): (وأما ما نحن فيه وشبهه مثل طلاق... الخ) (2).
هذه الأمثلة ليست كالمثالين المتقدمين، لكفاية وجود السبب في اسقاط المسبب، بل لعدم اعتبار الجزم في صحة العقد والايقاع، فما عن بعض الأجلة (رحمه الله) - من عدم مناسبتها للمقام، وإنما يناسب الحكم بجواز الاسقاط بناء على ثبوت الحق من حين العقد قبل العلم به - غفلة عن كونها بمناسبة عدم اعتبار الجزم، لا بمناسبة كفاية مجرد السبب.
نعم هذه الأمثلة وإن كانت مشاركة لما نحن فيه من حيث عدم الجزم لكنها متضمنة لثبوت مضامينها حالا على فرض الحاجة إليها، فلا ينافي الجزم بها على التقدير المزبور، بخلاف ما نحن فيه فإنه مع تحقق الغبن واقعا لا يسقط بهذا الاسقاط، لفرض شرطية ظهوره، فلا جزم حتى على تقدير الحاجة إلى اسقاطه، فتدبر.
- قوله (قدس سره): (نعم قد يشكل الأمر من حيث العوض... الخ) (3).