كما ربما يتخيل (1)، فيورد على المصنف (قدس سره) بأنه مع انكار بناء المعاملة على المساواة كيف يستدل بقاعدة الضرر.
ومنها: أنه تبين مما ذكرنا أن الصحة واللزوم كلاهما ضرري، فما الموجب للتفكيك بينهما بالقول بصحة المعاملة الغبنية وعدم لزومها؟! مع أن رافع اللزوم رافع الصحة، ولا فرق في هذا الاشكال بين أن تكون المعاملة مبنية على المساواة وعدمها، إذ مع فرض تخلف الشرط إذا كانت المعاملة المشتملة على النقص المالي صحيحة فقد وقع بسبب انفاذ الشارع في الضرر حدوثا، كما أنه يقع بسبب الزامه بالوفاء في الضرر بقاء، ولا فرق في رفع الحكم الضرري بين ما كان ضرريا حدوثا وما كان كذلك بقاء.
وربما يجاب كما عن بعض أجلة المحشين (رحمه الله) (2) بأن الأحكام المرتبة على موضوع واحد إذا كانت مترتبة، فالمتعين للرفع هو المتأخر بالطبع، وهو اللزوم هنا مدعيا أن القاعدة تقتضي اثبات كل حكم حكم إلى أن تصل النوبة إلى الضرر.
وهذا إنما يصح إذا كانت تلك الأحكام بمنزلة مقدمات لترتب الضرر، فإن الضرر لا محالة يتحقق بالجزء الأخير منها، فلا موجب لرفع غيره، وقد عرفت في طي تقريب الاشكال أن الحكم بالصحة حكم ضرري حدوثا، بحيث لولاه لما تحقق أصل الضرر، ولا فرق في القاعدة بين الحدوث والبقاء، بل الأمر بالعكس مما قيل، إذ اللزوم مترتب على الصحة، فإذا كان كلاهما ضرريا مشمولا للقاعدة يتعين المتقدم للرفع، إذ بمجرد رفع الحكم الأول لا يبقى مجال لبقاء الثاني حتى يرفع بالقاعدة.
وما ذكرنا من أن القاعدة تعم الحدوث والبقاء فهو فيما إذا كان البقاء ضرريا دون الحدوث وبالعكس، لا ما إذا كان كلاهما ضرريا، فإن القاعدة لا تعم إلا الحدوث، حيث لا بقاء بعد نفي الحدوث لتعمه القاعدة.
وعليه فالحكم بصحة المعاملة الغبنية لأحد وجهين، إما للاجماع على الصحة فيخصص به قاعدة الضرر وإما لأن الصحة وإن كانت ضررية إلا أن القاعدة لا تعم كل