نعم، يرد إشكال تأثير المعدوم في الموجود، لكنه ليس بإشكال أصلا، لأن المؤثر في المعلول المترتب على الأمور التدريجية كالكون على السطح المترتب على الصعود درجة درجة هو الجزء الأخير، وسائر الأمور معدات، وكل منها يؤثر أثر نفسه حين حصوله، وهو القرب إلى السطح بهذا المقدار. فإذا قلنا في المقام بأن العقد يؤثر حين الإجازة فلا يرد إشكال الشرط المتأخر.
فما توهم من ورود هذا الإشكال على كل شرط وجزء منصرم ومنقض حين تحقق الشرط أو الجزء الأخير في غير محله.
كما أن رفع الإشكال بجعل لحاظ المتأخر أو المتقدم شرطا مما ظهر في الأصول حاله فإنه من الخلط بين علل الجعل والتشريع وشرائط المجعول، فما هو لحاظه شرط للتكليف هو علة الجعل، أي: الموجب لإرادة الفاعل الذي هو عبارة أخرى عن العلة الغائية التي هي مقدمة تصورا ومؤخرة خارجا. ومحل البحث إنما هو في شرائط المجعول وفيما له دخل في تحقق التكليف أو الوضع، كشرطية البلوغ ونحوه للوجوب، وشرطية الإجازة ونحوها للملك، وهذه الشرائط شرائط بوجودها الخارجي.
نعم، لو قيل بأن الأحكام الشرعية إخبار عن الإنشاءات فيما سيأتي رجع جميع شرائط المجعول إلى علل الجعل. وقد ذكرنا في مسألة الترتب ومقدمة الواجب والحكم الوضعي ما يوضح ذلك.
قوله (قدس سره): (وقد تحصل مما ذكرنا: أن كاشفية الإجازة على وجوه ثلاثة.... إلى آخره).
لا يخفى أن كاشفية شئ عن شئ: إما لمناسبة تكوينية بينهما ككاشفية الدخان عن النار، وإما لمناسبة جعلية ككاشفية النصب عن الفرسخ، والألفاظ عن المعاني على وجه، فكاشفية الإجازة عن تحقق السبب التام لا بد أن تكون بأحد الوجهين. ثم إن طريق الاستكشاف فيها يتصور على أنحاء:
منها: أن تكون كاشفة عن الرضا التقديري.