خروج القدرة، فإن جعله في قبال الاضطرار اصطلاح من المتكلم والحكيم.
نعم الترجيح حيث إنه قصدي لا يكاد يتحسن بدون القدرة، فإن نسبة الإرادة إلى القدرة نسبة التمام إلى النقص والفعلية إلى القوة، وحيث إنه ليس من الاختيار المقابل للاضطرار بالخصوص فلا موجب لاختصاصه بطرفي الفعل والترك، بل يعم ما إذا كان طرفاه فعلين، كما أنه لا موجب لاختصاصه بما إذا كان طرفه فعلا، بل يعم الأعيان الخارجية أيضا، ومنه قوله تعالى * (وأنا اخترتك) * (1) وقوله تعالى * (واختار موسى قومه سبعين رجلا) * (2) إلى غير ذلك.
ويمكن أن يقال: إن الترجيح وإن لم يكن بلحاظ الرجحان المنبعث عن ميل النفس إلى طرف حتى يختص بالأفعال ولا يعم الأعيان بما هي، إلا أن الترجيح والانتقاء والاصطفاء ليس بنفسه فعلا من الأفعال المتعلقة بالأعيان، بل عنوان لفعل من الأفعال التي تارة يتعلق بالأعيان، وأخرى لا يتعلق بها، فترجيح الضرب مثلا بعين إيجاده.
وعليه فلا معنى لتعلق الترجيح وشبهه بالأعيان بما هي، بل اختيار زيد من بين جماعة للإمارة مثلا بعين جعله أميرا، واختيار موسى (عليه السلام) للوحي إليه وتبليغ ما أوحي إليه بعين اتخاذه رسولا، فالترجيح ليس قابلا للتعلق بعين موجودة، بل باعتبار فعل متعلق بها، وعليه فتعلق حق الخيار بالعقد أو بالعين على حد سواء في أنه متعلق في الأول بفسخ العقد وحله، وفي الثاني برد العين واستردادها.
- قوله (قدس سره): (وغلب في كلمات جماعة من المتأخرين في ملك... الخ) (3).
هذه العبارة تومئ إلى أن مفهومه اللغوي أعم من المعنى الشرعي، وهو مبني على أخذ القدرة ونحوها في مفهومه اللغوي، وليس كذلك كما عرفت (4)، وأما توهم أنهما متبائنان - لأن الإرادة والمشيئة من الأفعال والملك في الأوصاف - فهو فاسد، لأن الإرادة والمشيئة من الكيفيات النفسانية، لا من الأفعال النفسانية، بل الأعمية