لفعلية المقتضي هو نفس هذا الأمر الوجودي دون لازمه العدمي، إذ لو لم يكن الالتزام بالعقد المناسب للزومه وتأكده شرطا لفعلية اللزوم ولم يكن له أثر لا موجب لعدم الحق، حتى يكون العقد مؤثرا فعليا في اللزوم، فتدبره فإنه حقيق به.
وأما حديث المقتضي والمانع وهو مبنى المسألة فمختصر القول فيه: أن المراد تارة هو المقتضي في مقام الاثبات، وأخرى المقتضي في مقام الثبوت.
أما المقتضي إثباتا فهو أجنبي عن المقام، إذ لا ريب في أن مقتضى اطلاقات أدلة البيع مثلا لزومه، ومقتضى أدلة الخيار جوازه، ولا ريب في تقييد الاطلاقات المقتضية للزوم، أما أن حق الخيار متقوم بالفسخ وتركه أو بالفسخ والالتزام بالعقد فلا دلالة لشئ من الأدلة في الطرفين على ذلك، حتى تكون فعلية الحجية على اللزوم منوطة بعدم فعلية الحجية على الجواز.
وأما المقتضي ثبوتا فنقول: لا ريب في أن العقد اللبي المعنوي لا يقتضي لزوم نفسه، بل المراد العقد الانشائي الذي يتسبب به إلى العقد اللبي والقرار المعاملي، ومن البين أن شيئا من الأمور الخارجية أو الأمور الاعتبارية لا يكون مقتضيا وسببا فاعليا لأمر اعتباري آخر، بل السبب الفاعلي للاعتبارات هو المعتبر لها.
نعم مصلحة ذلك الاعتبار القائمة به داعية إلى إيجاده، ولا بأس باطلاق المقتضي على المصالح الباعثة على الاعتبارات، فمرجع الأمر إلى أن اعتبار العقد المتأكد ذو مصلحة عند ايجاد العقد الانشائي من المتعاملين، كما أن اعتبار السلطنة على حله أو إبرامه ذو مصلحة أيضا، وحيث إنها أقوى فلذا كان اعتبار الحق فعليا دون اعتبار القرار المتأكد إلا بعد زوال الحق بزوال مصلحته، إما لانتهاء أمده أو بأعماله واستيفائه أو باسقاطه، حيث إنه جعل مراعاة له فأمر أعماله واسقاطه بيده.
ومنه يعرف أنه ما دامت مصلحة اعتبار الحق باقية لا تؤثر مصلحة اعتبار العقد المتأكد فعلا، ولا تزول مصلحة اعتبار الحق إلا باستيفائه بأعمال الحق أو بالاعراض عن الحق المساوق لاسقاطه، لا بمجرد ترك استيفاء الحق، فإنه في قوة إبقاء العقد