لا يخفى عليك أن حقيقة الرهن إن كانت هي كون العين وثيقة للدائن، أو كونها محبوسة على الدين ليستوفى منها الدين عند امتناع المديون، ولئلا يضرب معه الغرماء فمقتضى حقيقته - مع قطع النظر عن حكمه عرفا وشرعا - آب عن دخول شرط الخيار فيه، فإن قصد جعل العين محبوسة على الدين وقصد الالتزام بحل المحبوسية قصد أمرين متنافيين، كما أن الاستيثاق وشرط السلطنة على رفع الاستيثاق متنافيان، فلا يتأتى القصد الجدي إليهما في عقد واحد، ومنه يتضح أن صحة التقايل (1) لا يلازم صحة اشتراط الخيار، فإن التقايل وإن كان ابطالا للمحبوسية ورفعا للاستيثاق لكنه ليس من قصد أمرين متنافيين في انشاء واحد، فالتراضي على رفع الاستيثاق المحقق أمر - كما إذا وثق الدائن بالمديون من أول الأمر فلم يأخذ على دينه وثيقة منه - وتحصيل الاستيثاق - بحيث لا يتمكن المديون من كل ما ينافيه والالتزام بما لا يبقى معه وثوق في عين تلك الحال - أمر آخر.
نعم إذا أمكن أن يحدث فيما بعد ما لا حاجة معه إلى الاستيثاق بحيث لو كان محققا فعلا لما أقدم على أخذ الوثيقة، فحينئذ يمكن شرط الخيار معلقا على حصوله، حيث إنه شرط غير مناف على ذلك التقدير، والغرض (2) أن منافاة الاستيثاق للشرط داخلة في منافاة الشرط مع نفس حقيقة الرهن ذاتا، لا مع حكمه عرفا أو شرعا.
- قوله (قدس سره): (والملازمة ممنوعة... الخ) (3).
فإن المقصود رفع علقة الملكية، والذي يثبت بالشرط علقة الحقية، ولا منافاة بين رفع إحداهما واثبات الأخرى، نعم عدم تعقل الخيار مع بقاء سلطنة كل من المتعاقدين قبل القبض أمر قد تعرضنا لجميع ما يتعلق به من وجوه النقض والابرام في مبحث خيار المجلس (4)، وقد حققنا هناك عدم المحذور فيه من هذه الجهة.