كالجواز في العقود الجائزة كما في المتن هنا وفيما تقدم غير مفيد في كون الصدقة من قبيل الأولى، فإن الجواز وإن لم يكن حقا قابلا للاسقاط لكنه تغير بتغير موضوعه بسبب لحوق تعين له، فإن الهبة مع جوازها تصير لازمة بالتصرف، فكذا الصدقة تخرج عن اللزوم بالاشتراط في ضمنها، فكونها لازمة إذا انعقدت مطلقة لا ينافي جوازها إذا انعقدت مشروطة، نعم لسان اللزوم يختلف ولا يبعد أن يكون هذا التعبير بقوله (عليه السلام) (ما جعل لله فلا رجعة فيه) مفيدا لكون طبيعة الصدقة المتقومة بكونها لله منافية للرجوع، وأن هذا المعنى آب عن لحوق خصوصية توجب تغير حكمه مع انحفاظ عنوانه.
فإن قلت: المنع من الرجوع في الصدقة غير المنع عن ايقاع الصدقة على وجه مخصوص، والكلام في الثاني، ومورد الأخبار هو الأول.
قلت: إذا كان شرط الخيار بمعنى تقييد الصدقة وكون الصدقة على وجه مخصوص كان الأمر على ما ذكر، وأما إذا كان الشرط بمعنى الالتزام في ضمن الالتزام فليس شرط الخيار من خصوصيات الصدقة، بل التزام بالرجوع في الصدقة المفروض منافاته معها.
وأما ما أفاده بعض أجلة المحشين (رحمه الله) (1) وجعله تحقيقا للمقام - من عدم صدق الرجوع في الصدقة على الفسخ بالخيار، فإن الاخراج المتزلزل الخياري ليس اخراجا حقيقيا، فالرجوع إنما يصدق مع بقاء المال على الوقفية أو الصدقة - فهو غريب جدا، فإن الرجوع الممنوع عنه في الصدقة هو الرجوع الجائز في مطلق الهبة، وليس معنى ذلك الرجوع أكل الموهوب والتصرف فيه مع بقاء المال على كونه موهوبا، بل الرجوع الحقيقي رد الملك أعني رد الربط الملكي وحل العقد، ولعله أراد ما قدمناه (2) آنفا وأجبنا عنه وإن كانت العبارة قاصرة عن إفادته، والله أعلم.
- قوله (قدس سره): (وفيه أن غاية الأمر كون وضعه... الخ) (3).