لا ريب في أنه لا خيار للمستأمر إلا بعد أمر المستأمر، وحينئذ فطلب الفسخ جدا ممن ليس متمكنا من الفسخ إلا من ناحية الحق المترتب عليه هذا الطلب محال، لأن القدرة التي هي شرط توجه الطلب الجدي معلولة لما ينتهي إلى الطلب الجدي، وكون الشئ الواحد علة ومعلولا محال، ولا يجدي حينئذ كون القدرة في ظرف العمل شرط متأخر للطلب الجدي، إذ حديث تأخر العلة عن المعلول أمر وكون الواحد علة ومعلولا أمر آخر، وعليه فلا يراد من أمر المستأمر - بالفتح - إلا مجرد انشائه للبعث، لا البعث الجدي المنوط بالقدرة.
ثم لا يخفى أن من له الخيار بعد الأمر هو المستأمر - بالكسر - دائما، فإن كان ثبوته له بالأمر باشتراط من صاحبه عليه كان المستأمر - بالكسر - هو المشروط عليه، والشارط هو المشروط له فنقول:
حيث إن العقد قبل الأمر وثبوت الخيار لازم فلا يكون قابلا للانحلال إلا بعد الخيار الثابت بالأمر بالفسخ، فأمر المستأمر بالإجازة والامضاء وسكوته في بقاء العقد على لزومه على حد سواء، إذ لا حق حتى يأمر بالإجازة الراجعة إلى اسقاط حق الخيار، فالمعلق عليه الخيار في الحقيقة هو الأمر بالفسخ فقط، فيرجع شرط الخيار حينئذ إلى شرط ثبوت الحق للمستأمر - بالكسر - معلقا على خصوص أمر المستأمر - بالفتح - بالفسخ، فمع عدمه يبقى العقد على لزومه، سواء كان منه أمر بالإجازة أم لا.
وحيث عرفت أن غاية ما يقتضيه هذا الشرط ثبوت حق الخيار للمستأمر - بالكسر - فلا ملزم له بالفسخ، بل غايته ملك الفسخ، ومقتضاه ايكال أمر الفسخ فعلا وتركا إليه، لا لزوم فعله عليه، وأما الشارط فليس له حق الالزام عليه بالفسخ، إلا بتوهم أن الشرط يوجب حقا للشارط، وهو لو صح فإنما يصح في شرط الفعل، كما إذا شرط عليه الفسخ عند أمر المستأمر، فإنه حينئذ له مطالبته بذلك، لأنه استحق منه عمله، وهو أجنبي عن شرط الخيار عند الأمر، وحيث إن الشرط هنا متعلق بالنتيجة وهي ثبوت الخيار للمستأمر بعد الأمر فلا تبقى حالة منتظرة من ناحية