في أمر حل العقد وامضائه، فلا محالة ينقطع بموته ولا يرثه وارثه، فإن السعة والضيق في المجعول تابعان لمقدار الجعل، ولا يقاس بالجعل الشرعي الذي لم يلحظ فيه إلا البائع والمشتري، وحيث إنه حق خاص لا يتعداه فلا معنى لنقله إلى غيره بالمصالحة عليه بمال.
كما أنه له أن يسلطه على أعمال الحق بالتوكيل بحيث لا يشاركه في عمله، فيكون الخيار الثابت للموكل مشروطا بعدم مباشرة أعماله، وحيث إن التوكيل بعنوان الشرط في عقد لازم فلا ينعزل الوكيل بعزل الموكل، فإن عقد الوكالة جائز بما هو عقد، فلا ينافي اللزوم إذا وقعت موقع الاشتراط في ضمن العقد اللازم، لكن الظاهر من عنوان جعل الخيار للأجنبي هو جعل حق الخيار له لا جعل أعماله له.
منها: أن حق الخيار إذا كان مجعولا لمتعدد بعنوان الاستقلال ففسخ أحدهم وأجاز آخر كان الفسخ مقدما وإن تأخر بناء على أن مرجع الإجازة إلى اسقاط الحق، فإن سقوط حق أحدهم لا ينافي ثبوت حق الآخر وإن قلنا بأن الإجازة والابرام أحد طرفي الحق، وسقوط الحق من باب استيفائه بابرام العقد، كما أن سقوطه بالفسخ من باب انتفاء موضوعه، فتقديم الفسخ عليه مع تأخره عنه مبني على أن الزام العقد في نفسه قابل لأن يكون إضافيا، فلا لزوم إلا من قبله، أو غير قابل لأن يكون إضافيا نظرا إلى أن العقدة واحدة فتأكدها غير قابل للاضافية من طرف دون الآخر.
ويمكن أن يقال: إن المعنى المعقول من ابرام العقد بالإجازة هو أن العقد ربط بين التزامين وقرارين من المتعاقدين، وكل واحد من القرارين صادر عن الرضا، فإذا لحقه رضا متجدد كان قرار الراضي متأكدا وإلا فلا، وحينئذ فلا مانع من كون الابرام واللزوم إضافيا.
إلا أنه يمكن أن يقال: إن هذا المعنى إنما يتصور من المتعاقدين القائم بهما الالتزامان المرتبطان، وأما الأجنبي فهو ليس طرفا للالتزام والربط العقدي، بل المجعول له حينئذ حق الخيار المتقوم بحل العقد وإبرامه، لا إبرامه من قبله، فمع إبرامه لا موقع لفسخ الآخر، إذ المبرم بقول مطلق لا ينفسخ وإلا لكان خلفا، ولا معنى