الإسلام فقد فرضها على المسلمين جميعا، وأوجب عليهم التدخل الإيجابي في جميع الشؤون العامة، وقد أعلن النبي (ص) ذلك بقوله: " كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، ويقول: " من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس من الإسلام في شئ ".
لقد ألقى الرسول (ص) على عاتق المسلمين المسؤولية الكبرى وهي لزوم السهر على مصالحهم، ورعاية شؤونهم فليس لأحد منهم أن يقف موقفا سلبيا أمام المصلحة العامة، أو يهمل شأنا من شؤون بلاده ومجتمعه، أو يقف موقف المتفرج أمام الأحداث العامة التي يمنى بها المجتمع، ويتصدع بها كيان الأمة فإنه ليس من الإسلام ذلك.
وللتدليل على ارتباط الإسلام بالسياسة أنه أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من أهم برامج سياسته العادلة، فقد أوجب ذلك على المسلمين جميعا، لأنه يصون كرامتهم، ويحميهم من عنف الباغين واستبداد الطغاة الحاكمين، ويزيل عنهم كابوس الظلم والاعتداء ويعيش المواطن في ظلاله الوارف حياة وادعة آمنة لا يضام له حق، ولا تهدر له كرامة إن السياسة البناءة ترتبط بالإسلام ارتباطا وثيقا، فهي من أهم بنوده، ولا يمكن بأي حال فصلها عن إطاره، ولكن الحاقدين على الإسلام، والمنحرفين عنه، زعموا أن الدين ليس إلا مجرد صلة روحية بين الإنسان وربه، ومن أقوالهم في ذلك " إن الدين شئ والسياسة شئ آخر ".
... نعم إن الدين شئ، والسياسة شئ آخر، لو أريد من السياسة الغدر والنفاق، والكذب والخداع، والمراوغة، وأما لو أريد منها إقامة الحق، وبسط العدل، ومساندة الضعيف والمحروم فإنها من صميم الشريعة الإسلامية،