ولا يخفى ما فيه، لأن جعل المتعاقدين التبعض بالنسبة إلى المبيع أو الثمن ليس محللا للحرام ولا محرما للحلال، ويكفي في صحته عموم المؤمنون عند شروطهم. وتوهم أن الالتزام العقدي أمر بسيط فإما أن يجعل للمشروط له تمام الالتزام وإما يبطل فاسد جدا، لأنه لا ينافي بساطة الالتزام جعل التبعيض في الملتزم، فإن التبعيض قد ينشأ من جعل مختلفي الحكم متعلقا لبيع واحد - كما لو باع الخل والخمر، أو مال نفسه ومال غيره صفقة - وقد ينشأ من جعل البائع أو المشتري بالنسبة إلى الثمن أو المثمن الذي لولا الجعل كان جميع أجزائه متحد الحكم، ففيما لو أطلق اشتراط الفسخ برد الثمن لم يكن له الفسخ إلا برد الجميع.
وأما لو شرط الفسخ في كل جزء برد ما يخصه من الثمن، فالبائع بالشرط جعل المبيع للمشتري متبعضا، ولا مانع عنه.
ثم إن هذا على أقسام:
قسم لا يجعل الخيار إلا في بعض المبيع برد ما يقابله من الثمن، سواء جعل على وجه كان الرد فسخا فعليا، أم مقدمة للفسخ أم الخيار.
وهذا لا إشكال في صحته، إذ ليس المشتري إلا كمن اشترى دارا من شريكين جعل أحدهما الخيار لنفسه دون الآخر.
وقسم يجعل الخيار في المجموع، ولكن بحيث إنه كل ما يرد مقدارا يثبت له الخيار بهذا المقدار، أو يكون كل مقدار فسخا فعليا بمقدار ما يقابله من المبيع.
وهذا أيضا كالسابق في الصحة. ولا إشكال في القسمين بأقسامهما في أنه ليس للمشتري خيار تبعض الصفقة، لأن أصل ثبوت خيار التبعض إنما هو لتخلف شرط ضمني في العقد، وهو كون مجموع المبيع بوصف اجتماعه مقابلا لمجموع الثمن. فلو صرحا بانحلال العقد وإمكان تبعضه فلا شرط ضمنا، بل الشرط على خلافه.
نعم، لو شرط فسخ المجموع متدرجا وفسخ في البعض ولم يفسخ في الباقي حتى خرجت المدة بطل الفسخ في البعض نظير المكاتب المشروط.