على الوجه الأول، لأن القاعدة تنفي الضرر الذي يرد على المال المحترم.
نعم، مقتضى هذا الوجه اختصاص جواز الهدم والنزع بمورد علم الباني والناصب بالغصبية دون مورد الجهل.
وكيف كان فيكفي في خروج هذه الصورة عن القاعدة من جهة الإقدام خروجا حكميا، وذلك لأن الضرر مع العلم بوجوب الرد فورا إلى مالكه مستند إلى نفس اختياره وفعله. وليس اختياره واقعا في طريق امتثال الحكم حتى ينتهي الضرر بالأخرة إلى الحكم، لأن البناء أو النصب يقع في طريق عصيان الحكم عكس الإقدام على الوضوء الضرري، والحكم إنما يكون من المقدمة الإعدادية للضرر.
وأما مسألة الزرع أو الشجر الذي ينقضي زمان استحقاق مالكهما لإبقائهما قبل كمالهما فحالها حال مسألة نصب اللوح، فإن وجوب تخليص أرض الغير وإن لم يكن فعليا إلا أنه مع علمه بانقضاء زمان الاستحقاق قبل كمال الزرع والشجر فهو أقدم على الضرر، فرد الأرض فارغة وإن كان ضررا إلا أنه بنفسه أقدم عليه، وإلا لم يكن رد الأرض الخالية عن الزرع والشجر ضررا، والإقدام على الزرع ليس في طريق امتثال الحكم. فقياسه على من أجنب مع علمه بتضرره بالغسل قياس مع الفارق، لأن الضرر في الغسل ينشأ من الفعل المعلول من الحكم، وهذا بخلاف الضرر في رد الأرض كما هي عليها.
وعلى هذا يطرد هذا الحكم في جميع الفروع التي كانت من هذا القبيل، كما إذا علم المفلس بعدم تمكنه من رد ثمن ما اشتراه من الأرض ومع ذلك فقد غرس فيها أشجارا وبنى فيها بناء، فإن الضرر الذي يرد عليه إنما هو من إقدامه على الغرس والبناء. وهكذا من عليه الخيار. وهكذا لو فرض أن الإقدام على المعاملة الغبنية لم يكن إقداما على الضرر حدوثا، إلا أنه إقدام عليه بقاء. فالضرر الوارد عليه من لزوم العقد بحسب البقاء يستند إلى إقدامه لا إلى الحكم الشرعي فتدبر جيدا.