الحكم مقدمة إعدادية فهذا الحكم لا يرتفع - يظهر الفرق بين الصورة الثالثة بكلا قسميه والصورة الأولى، فإن حكم الصورة الأولى حكم ما إذا كان الصوم أو الوضوء ضرريا من دون دخل للمكلف فيه أصلا. فكما أن الإقدام على الصوم الضرري لا يوجب عدم شمول القاعدة له إذا كان الصوم ضرريا بنفسه فكذلك إذا نشأ الضرر من شرب الدواء، فإن الصوم بعده ليس إلا من باب وقوعه في طريق الامتثال. ولولا الحكم الشرعي لم يكن الشخص متضررا بشرب الدواء، فالشرب ليس إقداما على الضرر ولا يتعلق به حكم ضرري، وإنما هو علة لتحقق الموضوع الحكم الضرري لا عنوان ثانوي له ولا لحكمه، بل هو عنوان ثانوي لحكم الشارع.
وحيث إن تضرره بالصوم سواء كان قهريا أو لشرب دواء إنما ينشأ من طريق امتثال الحكم فالحكم هو علة العلل والامتثال مقدمة إعدادية.
وأما حكم الصورة الثالثة فحكم الإقدام على المعاملة الغبنية، سواء كانت من قبيل إدخال خشب الغير في البناء أو نصب لوح الغير في السفينة أم كانت من قبيل غرس الشجر في الأرض التي ينتزع من يده قبل وصول الشجر إلى حد كماله.
أما مسألة اللوح والخشب فمضافا - إلى أن الإقدام هو الجزء الأخير من العلة للضرر لا الحكم الشرعي - لا تشملها القاعدة لوجهين آخرين:
الأول: أن هدم البناء وكسر السفينة ليس ضررا، لأن مع فرض كون اللوح أو الخشب مغصوبا لم يكن صاحب السفينة مالكا لتركيب السفينة ولا صاحب الدار مالكا لبنائها. فهذه الهيئة الحاصلة إذا لم تكن مملوكة له فرفعها ليس ضررا، لأن الضرر عبارة عن نقص ما كان واجدا له.
وبعبارة أخرى: كما أن الغاصب لم يكن مالكا من أول الأمر لإدخال الخشب في البناء ونصب اللوح في السفينة لا يكون مالكا لإبقائهما فيهما، وكما لا ضرر عليه في ردهما إلى مالكهما قبل البناء والنصب فكذلك بعدهما.
الثاني: حيث دل الدليل على أنه ليس لعرق ظالم حق فلا حرمة لماله، فلا يشمله القاعدة، لخروج هذا المال عنها تخصصا، كخروجه عنها كذلك بناء