لا يكون موجبا لرفع اللزوم وثبوت الخيار فضلا عما إذا كان عالما به، لأنه لو لم يشترط التساوي فلا يكون واجدا لشئ حتى يكون فقده ضررا عليه. بل مع عدم الشرط يكون مرجع المعاملة إلى الإقدام بها على أي وجه اتفق.
ثم إن هاهنا فروعا قد يتوهم التنافي بينها بأنفسها والتنافي بين بعضها وما ذكرناه من أن الإقدام على الضرر في التكليفيات لا يوجب عدم حكومة القاعدة عليها وفي الوضعيات موجب لذلك.
فمنها: ما يقال من أنه لو أقدم على موضوع يترتب عليه حكم ضرري - كمن أجنب نفسه متعمدا مع كون الغسل مضرا له - أن هذا الإقدام لا يوجب عدم جريان قاعدة لا ضرر. وهكذا في نظير ذلك كمن شرب دواء يتضرر بالصوم لأجل شربه.
ومنها: ما يقال بعكس ذلك كمن أقدم ونصب اللوح المغصوب في سفينته، فإنه يقال: يجوز لمالك اللوح نزع لوحه وإن تضرر مالك السفينة بنزعه بلغ ما بلغ. نعم إذا استلزم تلف نفس محترمة فلا يجوز له.
ومنها: ما يقال لو استأجر شخص أرضا إلى مدة وبنى فيها بناءا أو غرس فيها شجرا يبقى بعد انقضاء زمان الإجارة أن لمالك الأرض هدم البناء وقلع الشجر وإن تضرر به المستأجر. وهكذا لو غرس أو بنى من عليه الخيار في الملك الذي تعلق به حق الخيار أن لذي الخيار هدمه أو قلعه إذا فسخ العقد الخياري وإن تضرر به من عليه الخيار، مع أنه لم يقدم على ضرره.
ولكنك خبير بعدم تنافي هذه الفروع مع ما تقدم. وإن هنا فرقا بين مسألة من أجنب نفسه متعمدا أو شرب دواء يتضرر لأجل شربه بالصوم ومسألة من نصب لوحا في سفينة أو غرس شجرا في الأرض المستأجرة، فإن المجنب نفسه أو شارب الدواء لم يكن مكلفا بالغسل أو الصوم إلا بعد الجنابة والشرب. ولا شبهة أن التكليف بالغسل والصوم يكون ضرريا، فالضرر مستند إلى الحكم الشرعي.
وهذا بخلاف غاصب اللوح، فإنه مأمور قبل النصب بالرد ولم يكن الرد له ضرريا، وإنما أقدم على إتلاف ماله لمخالفته التكليف بالرد. وهكذا مسألة الغرس