المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه (1). وقوله في حديث أبي الصباح: كل من أضر بشئ من طريق المسلمين فهو له ضامن (2). يرجع إلى الضمان بالتسبيب.
وموضوع البحث ما إذا كان الضمان مسببا عن نفس الإضرار.
نعم، قد يتوهم أن بعض الروايات يدل على أن نفس الضرر موجب للضمان، مثل ما ورد في من حول نهره عن رحى الغير أنه يرجعه إلى حاله، ومثل ما ورد فيمن أسقط الشرافة الساترة بينه وبين جاره أنه يعيدها إلى حالها الأولى.
وفيه أولا: أن الدليل الدال على الحكم الأول لا يدل على إرجاع النهر إلى حاله، بل بعد ما سئل عن أبي محمد (عليه السلام) عن رجل كانت له رحى على نهر قرية والقرية لرجل فأراد صاحب القرية أن يسوق إلى قريته الماء في غير هذا النهر ويعطل هذه الرحى أله ذلك أم لا؟ فوقع (عليه السلام) يتقي الله ويعمل في ذلك بالمعروف ولا يضر أخاه المؤمن (3).
وهكذا ما ورد من الفقيه (عليه السلام) بهذا المضمون. وأما الدليل على الحكم الثاني فلم نجده في مجامع الأخبار.
وثانيا: لعل الأمر بالإعادة كان لمعلومية ثبوت الحق لكل من صاحب الطاحونة والجار في بقاء ما أمر بإعادته وإن كان ظاهر السؤال أنه لا يعلم بالحال إلا مجرد كون الطاحونة على نهر الغير.
وثالثا: لعل الأمر بالإعادة على فرض التسليم كان لعدم سلطنة صاحب النهر على تحويل نهره لا حدوثا ولا بقاء، وهكذا صاحب الستارة لم يكن مسلطا كذلك.
وبعبارة أخرى: الذي يتولد منه الضرر ليس مجرد التحويل والتخريب، بل نتيجة ذلك فهي منفية بقاعدة الضرر، ومقتضاها إعادة النهر والشرافة على ما كانتا عليه لئلا تبقى الرحى والدار على هذه الحالة.