نعم، لو أكرهه الجائر على دفع مال فلا يجوز له نهب مال الناس ودفع ضرر الجائر به عن نفسه، ففرق بين ما إذا أكرهه على أخذ مال الناس له وما إذا أكرهه على دفع أموال نفسه إليه.
ومسألة التولية من قبل الجائر تدخل في القسم الأول ولا يلاحظ فيه أقل الضررين، لأنه توجه الضرر أولا إلى الغير فلا يجب تحمل الضرر حتى يدفع عن الغير.
ومسألة الإجبار على دفع أموال نفسه تدخل فيما تقدم أنه لا يجوز رفع الضرر عن نفسه بإدخال الضرر على الغير.
وعلى هذا فما اختاره شيخنا الأنصاري في مسألة التولي من قبل الجائر من الفرق بين المسألتين في كتاب المكاسب (1) هو الصواب، لا ما أختاره في رسالته المعمولة لهذه المسألة من: أن حكم الضرر الوارد على أحد الشخصين حكم أحد الضررين الوارد على شخص واحد من اختيار أقلهما لو كان، وإلا فالرجوع إلى العمومات الأخر ومع عدمها فالقرعة (2).
ثم فرع على هذا أنه يلاحظ الضرر الوارد بملاحظة حال الأشخاص فقد يكون ضرر درهم على شخص أعظم من ضرر دينار على آخر، وذلك لما عرفت أنه لو توجه الضرر إلى الغير أولا فلا يجب دفعه عنه بتحمل الضرر ولو كان ضرر الغير أعظم، ولو توجه أولا إلى نفسه فلا يجوز توجيهه إلى الغير ولو كان ضرر الغير أخف.
نعم، لو حمل عبارة الرسالة المعمولة على ما إذا ورد ضرر من السماء ودار أمره بين وروده على أحد الشخصين، كما إذا أدخلت الدابة رأسها في القدر من دون تفريط أحد المالكين ودار الأمر بين كسر القدر أو ذبح الدابة، فيمكن هنا القول بنفي الضرر الأعظم واختيار الأقل، لأنه أحد المرجحات وإن كانت كلمات العلماء مضطربة على ما حكاه عنهم قدس الله تعالى أسرارهم.