فإمكان استيفاء الحق من كل واحد كإمكان الأخذ بالشفعة لكل واحد مع رجوع المال المأخوذ إلى الجميع.
وهذا ليس عبارة عن استقلال كل واحد على الأخذ بالحق.
وحاصل الكلام: أن استحقاق كل واحد من الورثة خيارا مستقلا في عرض الآخر بحيث ينتج تقديم الفاسخ على المجيز كما في خيار المجلس للمتعاقدين مما لا يمكن ثبوتا. واستحقاق كل واحد منهم على نحو استقلال الوكيل المفوض وموكله بحيث ينتج تقديم السابق مجيزا كان أو فاسخا وإن أمكن ثبوتا إلا أنه لا دليل عليه إثباتا، لأن ظاهر أدلة الوراثة أن الحق كالمال يتحصص، وليس هناك دليل آخر يدل على استحقاق كل منهم مستقلا ولم يقم برهان على أن الشارع جعل لكل منهم ذلك ولا على أن المورث اشترط على صاحبه أن يكون لكل من ورثته الخيار. فالوجه الأول لا أساس له، سواء قيل بأن الحق الواحد الفعلي قائم بالمتعدد أو قيل بأن حق الاستيفاء قائم بهم، إلا أن يقال: إن مقتضى ورود الحكم على العام أو المطلق هو استقلال كل فرد من الأفراد، وهذا المعنى حيث يمتنع بالنسبة إلى المال أو الحق على نحو اجتماع الملاك المتعددة على ملك واحد فيلتزم بتقسيم المال والحق بالحصص.
وأما استقلال كل منهم على نحو الوكلاء المتعدد أو المولى والعبد بالنسبة إلى مال العبد ونحو ذلك فيجب الأخذ بظهور العام أو المطلق، لأنه لا دليل على امتناع ثبوت حق واحد في سائر الحقوق للمتعدد، كحق القصاص وحد القذف والشفعة، فإن الأولين عبارتان عن حق الاستيفاء والثالث عبارة عن حق أن يملك كحق الإحياء. وهكذا ثبت حق السبق للمتعدد، وإنما الممتنع إعمال هذا الحق للمتعدد، للتزاحم بينهم، فإذا أسقط بعضهم حقه فللباقي إعماله. وعلى هذا فلو دل دليل الإرث على أن ما تركه الميت فلكل واحد من ورثته، فالأخذ بظهوره وهو ثبوت هذا الحق للمتعدد مستقلا لا مانع منه، هذا تمام الكلام في الوجه الأول.
وأما الثاني - أي استحقاق كل منهم خيارا مستقلا في نصيبه - فهو أصح