وثالثة تواطئا عليه قبل العقد، من دون ذكرها في متن العقد وإيقاعه في حيز الإنشاء، سواء كان راجعا إلى أوصاف العوضين أو غيرها. وهذا هو المصطلح عندهم بشروط التباني، ووقع في الجملة محل الإشكال، من جهة لزوم الوفاء به وعدمه وإن كان المشهور على عدم اللزوم أيضا، إلا أن ظاهر الخلاف (1) والمختلف (2) يوهم خلافه. وغاية ما قيل أو يقال في توجيه اللزوم من (3) وجوه:
أحدها: أنه لا شبهة في أن بعض الأمور - مثل التسليم والتسلم، وكون الثمن نقد البلد، ونحو ذلك - بسبب تعاهده عند العرف والعادة يصير مدلولا للعقد التزاما ولو لم يذكر في متن العقد، بل لم يكن العاقد ملتفتا إليه أصلا. وليس ذلك إلا من جهة أن تعاهده عند العرف وتبانيهم عليه وجرى عادتهم على الإلزام والالتزام به يوجب وقوع العقد مبنيا عليه، وكون الالتزام منوطا به على وجه يوجب انتفاؤه الخيار، لا البطلان على ما سيأتي توضيحه.
وحينئذ يمكن أن يكون تواطؤ المتعاقدين وتبانيهما على أمر قبل العقد موجبا لصيرورته كذلك ووقوع العقد مبنيا عليه، إذ لا فرق بين كون ذلك بالتعاهد عند العرف، أو بسبب تعاهده عندهما وتبانيهما عليه. غايته أن اللازم هنا التفاتهما إليه وعدم نسيانهما، حتى يقع العقد مبنيا عليه، بخلاف الشروط الضمنية، فإنها لكونها بحسب العرف والعادة فلا يلزم الالتفات إليها، بل العقد يتضمنها ولو كان العاقد جاهلا بها، أو ناسيا لها.
وبالجملة: فحال شروط التباني كحال الشروط الضمنية في كون التعاهد في خارج العقد موجبا لتضمنه عليها ووقوعه مبنيا عليه، فتقع تحت الإلزام والالتزام العقدي، ويدل عليه العقد بمدلوله الالتزامي، فيجب الوفاء به كما يجب الوفاء بها.
ويوجب تعذره الخيار، كما يوجب ذلك تعذرها.
وفيه ما لا يخفى من الفرق بين المقامين، لوضوح أن الشروط الضمنية بسبب