والمراد به العقود اللازمة وإن لم يصرح به، لوضوح أن العقد الجائز بنفسه لا يجب الالتزام به، فضلا عن الشرط الذي في ضمنه.
نعم، قد أشرنا في الأبحاث السابقة - المتعلقة بالشركة - أن العقود الإذنية، إن كان الشرط فيها راجعا إلى اعتبار خصوصية في الإذن - مثل اشتراط الضمان في العارية، أو كون المال في حرز خاص مثلا في الوديعة، أو كون تصرف أحد الشريكين أو عمله على وجه خاص مثلا - يلزم الوفاء به، لا من باب وجوب الوفاء بالشرط، بل لإناطة الإذن في التصرف به، فبدونه لا إذن.
وكيف كان، فالمراد ذكره في عقد المعاوضة حتى يصير بمنزلة الضميمة لأحد العوضين، ويخرج عن كونه مجانا، إذ المستأنس من حكم الشارع بجواز العقود المجانية - مثل الهبة والعارية - أن مطلق التعهدات المجانية لا يجب الوفاء بها.
ولعله المستكشف من الإجماع المحقق ظاهرا على عدم لزوم الشروط الابتدائية، وتوقف اللزوم على صيرورتها بمنزلة الجزء لأحد العوضين. فالوجه لعدم لزومها مجانيتها، لا مجرد كونها ابتدائية. ولذا لو التزم بشئ من الأعيان أو المنافع بعوض وقلنا بعدم توقف ملكيتها على لفظ خاص، لا يبعد القول بلزومه وإرجاع الأول إلى البيع، والثاني إلى الإجارة، أو إلى الصلح في كليهما. فتأمل جيدا.
وكيف كان فتحقيق الكلام في الشروط بحسب أقسامها: أنها تارة مذكورة في متن عقد المعاوضة، فلا شبهة في لزوم الوفاء به على المشروط عليه كوفائه بأصل المعاوضة - وضعا وتكليفا - على التفصيل الذي يأتي الكلام فيه إن شاء الله.
وأخرى غير مذكورة في العقد، بل مجرد تعهد والتزام من أحدهما للآخر من غير تعقبه بعقد ومعاوضة أصلا، وهذا هو المراد من الشروط الابتدائية. ولا شبهة في عدم إفادتها اللزوم بوجه.
وقد عرفت ثبوت الإجماع على عدم لزومها، وبه يخصص عموم " المؤمنون عند شروطهم " بناء على شموله لمثلها، وعدم اختصاصه بالالتزام في البيع، كما تقدم نقله عن القاموس أو في مطلق العقد، كما ورد الاستشهاد به في كثير من الأبواب في غير واحد من الأخبار.