وأما القسم الثاني فحيث إن نفس الإنشاء ليس علة تامة لتحقق المنشأ خارجا - أي في عالم الاعتبار - فبإجازة من له حق الإجازة يتحقق المنشأ ويستند إلى المجيز. والسر فيه: هو أن في الاعتباريات حيث إن المنشأ لم يتحقق بعد فبالإجازة يتحقق.
نعم، نفس الإنشاء بما هو لفظ ومعنى أيضا غير قابل للإجازة، ولكن لا يعتبر في تحقق المسبب أن يكون سببه أيضا مستندا إلى من له الحق.
ثم إنه كما يعتبر أن يكون ما يقبل الفضولية من الاعتباريات كذلك يعتبر أن لا يكون نفس الإجازة علة تامة لتحقق المنشأ، وإلا يخرج عن عنوان الفضولي، لأنه لو كان إمضاء ذي الحق وإجازته بنفسه إيجادا للمنشأ سواء كان هناك عقد الفضولي أم لم يكن فلا معنى لعده من الفضولي.
وبعبارة أخرى: يعتبر في صحة العقد الفضولي بالإجازة أمران:
أحدهما: عدم كون الفعل علة تامة لتحقق أثره.
وثانيهما: عدم كون إجازة المجيز علة تامة لتحقق أثرها، بل لا بد أن تكون الإجازة راجعة إلى إنفاذ فعل الفضولي بحيث كان عقده أو إيقاعه معدا وموجبا لقابلية تحقق الإجازة، كبيع الفضولي أو عتقه أو طلاقه، بحيث إنه لو لم يكن عقده أو إيقاعه كان قوله: " أجزت " لغوا. وأما لو كانت الإجازة بنفسها علة تامة فيخرج عن عنوان الفضولي.
وبمقتضى الأمر الأول تخرج جملة من الإيقاعات عن عنوان الفضولي، كالقبض والإقباض وإعطاء الدين، بل إعطاء الخمس والزكاة لو قيل بجريان التبرع فيهما. وجامعه ما كان تحققه بالفعل، سواء اعتبر فيه المباشرة أم صح بالوكالة أو النيابة الراجعة إلى فعل الموكل أو المنوب عنه ببدنه التنزيلي، ولم يكن له أثر آخر ممكن الترتب وعدمه، لأن الفعل لا يتغير بالإجازة عما هو عليه.
ومقتضى الأمر الثاني يخرج العقود الإذنية، كالوكالة في التصرف والعارية والوديعة، وجملة من الإيقاعات، كالفسخ والإجازة والإبراء والجعالة بناء على