وأما ما اختاره المصنف فمضافا إلى أنه ينافيه استدلاله لصحة عقد المكره مع لحوق الرضا بفحوى الفضولي - لأن الأولوية فرع فقد الفضولي أمرين الاستناد والرضا، وأما لو قلنا بعدم اعتبار الاستناد وكفاية الرضا الباطني من المالك ولو كان المباشر غير المالك فلا أولوية، لأن ملاك الفضولي والمكره في الاحتياج إلى شرط واحد على حد سواء - يرد عليه: أن ما استدل به لا دلالة فيه.
أما قوله عز من قائل: * (أوفوا بالعقود) * (1) فلأن مقابلة الجمع بالجمع يقتضي التوزيع، أي كل مكلف يجب عليه الوفاء بعقده، وعقد الفضولي لا يكون عقدا للمالك بمجرد رضائه به، لأن كونه عقدا له يتوقف على مباشرته، أو نيابة الغير عنه بالإذن، أو الإجازة بعد صدور العقد من الفضولي. وفي حكم هذه الآية قوله:
* (أحل الله البيع) * (2)، لأن البيع هنا بمعناه المصدري، فيصير معناه: أحل الله إيجاد هذا المعنى، وإيجاد المالك ينفذ إذا صار إيجادا له.
وبعبارة أخرى: معناه أحل الله بيوعكم، والبيع يصير بيعا له إذا استند إليه، وإلا فليس بيعا منه.
وأما قوله تعالى: * (إلا أن تكون تجارة عن تراض) * (3) فهو أظهر في اعتبار الاستناد إلى المالك، لأن التجارة بمعنى التكسب، ولا يكون التكسب منه إلا بالمباشرة أو الإذن أو الإجازة، والرضا الباطني ليس منها، لأنه لا يصير به التجارة من الغير تجارة منه.
وأما قوله (عليه السلام): " لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه " (4) ففيه:
أولا: أنه ليس إلا في مقام بيان اعتبار الطيب والرضا، لا في مقام بيان أن مجرد الطيب كاف، فهو نظير قوله (عليه السلام): " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " (5)،