وأما إذا باع للمالك مع سبق المنع منه وما إذا باع لنفسه كالغاصب فهو محل الخلاف حتى بين القائلين بصحته.
فالأولى تنقيح أن مقتضى القاعدة هل صحته في جميع الصور، أو بطلانه كذلك، أو التفصيل؟ وعلى أي حال الإيقاعات ملحقة بالعقود.
وينبغي أولا تمهيد مقدمة، وهي: أن الأفعال المترتبة عليه الآثار والمصادر الصادرة من الأشخاص على قسمين:
قسم يتحقق اسم المصدر فيه بنفس تحقق المصدر ولا ينفك منه إلا بتخلل فاء الترتيب، وهو ما كان من سنخ الخارجيات، كالضرب والغسل والكسر، فإن نتيجتها حاصلة بنفس حصول الفعل، بل لا فرق بين الفعل والانفعال إلا اعتبارا.
وقسم لا يتحقق فيه الأثر المرغوب منه بنفس تحقق الفعل، وهو ما كان من قبيل الاعتباريات فإن خارجيته ليس بإيجاد كل موجد وصدوره من كل شخص، بل لا بد من تحققه بإيجاد من ينفذ إيجاده، وأما من لم ينفذ إيجاده فهو وإن كان بنظره لا ينفك الوجود عن الإيجاد إلا أنه ليس بنظر العقلاء إيجادا، فمجرد إيجاد العلقة المالكية بقوله: " بعتك السماء " لا يوجب تحققها. وفي كل من القسمين لو لم يعتبر صدور الفعل من مباشر خاص يصح التوكيل والاستنابة فيه، كالأمر بالضرب وإيجاد العقد، ولكنه ليس كل ما يقبل النيابة يقبل الإجازة.
فإن القسم الأول مع قبوله النيابة لا يقبل الفضولي، لأن الفعل الخارجي الذي لا ينفك أثره عنه لا يتغير بإجازة عما وقع عليه، ولا يستند الضرب إلى غير الضارب بالإجازة منه، ولا ينافي ذلك ما ورد من " أن الراضي بعمل قوم كالداخل فيهم " (1)، فإنه كالداخل حكما، لا أن الفعل صدر عنه بالرضا اللاحق.
فما ينسب إلى كاشف الغطاء: من أن كل ما يقبل النيابة يقبل الفضولي (2) ليس بإطلاقه صحيحا، بل لا بد أن يقيد بأنه كل ما يقبل النيابة والتبرع فهو يقبل الفضولي، وهو أيضا منتقض بأداء الدين من الغير تبرعا.