وثانيا: إذا كان الشئ غير نافذ إلا بأمر لاحق فكيف تترتب عليه الآثار من قبل؟
فظهر مما ذكرنا: أن هذه الشروط التي تتعلق بإنفاذ العقد السابق: كإجازة المالك والغرماء والمرتهن والورثة فيما زاد على الثلث، والشروط التي تقتضي صحة العقد السابق: كإبراء المرتهن، وفك الراهن الرهانة، وإخراج الزكاة من المال الزكوي أو من غيره حكمها حكم سائر الشروط التي لا ترجع إلى إنفاذ العقد، بل هي بنفسها من أركان المعاملة، كالقبض في الصرف والسلم في أن مقتضى القاعدة فيهما هو النقل، لا الكشف الحقيقي، ولا الواسطة بينهما.
فثبوت الواسطة التي يعبر عنها بالكشف الحكمي تتوقف على دليل، والأدلة التي أقاموها على الكشف الحكمي لا تستقيم، فإنه مضافا إلى أن إعمال التعبد في أبواب المعاملات بعيد - فإن الظاهر أنهم (عليهم السلام) حكموا على طبق ما ارتكز في أذهان العقلاء - دلالتها على الكشف الحقيقي أظهر من دلالتها على الكشف الحكمي.
أما صحيحة محمد بن قيس (1) فلأن بيان الإمام (عليه السلام) علاج تخلص الولد بأخذ ابن المالك البائع للوليدة ظاهر في أن إمضاء المالك للبيع إمضاء لما أنشأه ابنه حين الإنشاء، لظهور قوله (عليه السلام): " حتى ينفذ لك البيع في ذلك " وهكذا قوله: " فلما رأى ذلك سيد الوليدة أجاز بيع أبيه "، فظاهر هذين الكلامين أن الإجازة تكشف عن تحقق الملك حين بيع الولد.
وأما صحيحة أبي عبيدة الواردة في تزويج الصغيرين فضولا (2) فلأنها ظاهرة في أن المقصود من الإجازة لا بد أن يكون نفس الازدواج (3) لا التوارث، ولذا أمر (عليه السلام) بحلف الزوجة على ذلك، فإنها لو كانت دالة على الكشف الحكمي لكانت