موضوع الزكاة في الغلات هو بلوغ المال بعد انعقاد الحب حد النصاب، ولكنه معنون ببلوغه هذا الحد بعد التصفية، فبعد التصفية لو كان بهذا الحد يكشف عن تعلق الزكاة به حين انعقاد الحب، وثمرة هذا الكشف في باب الخمس والزكاة هي صحة أدائهما قبل تحقق هذا العنوان. ولو أتلفهما من تعلقا بماله يحسبان عليه.
وهكذا صحة بيع الزكوي متوقفة على إخراج حق الفقراء، فلو أخرجه الساعي أو الوالي أينما وجده يكشف عن صحة البيع من أول الأمر.
وهكذا في مسألة الركوع فإنه بناء على أن يكون من أول التقوس إلى آخر حد الانحناء ركوعا يتوقف اتصاف الجزء الأول بكونه ركوعا على لحوق الجزء الأخير، ولكنه بعد اللحوق يكشف عن كونه ركوعا من أول الأمر (1).
وبالجملة: كل أمر متأخر كان بمنزلة الصورة للأمر المتقدم، فالمتقدم يتحقق من أول الأمر، وينكشف بهذا المتأخر وجود المتقدم في ظرف وجوده.
وفيه: أنه إذا كان العنوان اللاحق بمنزلة الصورة والسابق بمنزلة المادة فلا بد من الالتزام بالنقل، لأن فعلية الشئ إنما هي بالصورة.
وبالجملة: مع دخل المتأخر في تحقق اتصاف السابق بوصف الموضوعية يستحيل اتصافه بهذا الوصف قبل تحقق المتأخر ومجردا عنه.
والثالث: ما بيناه سابقا في توجيه كلام المحقق وهو يختص بباب الإجازة، وهو: أن كل ما كان إنفاذا للأمر السابق فمقتضى القاعدة أن تكون الآثار التي إنفاذها بيد المجيز مترتبة عليه من أول الأمر.
وفيه أولا: أن النزاع في المقام ليس مختصا بما كان ناظرا إلى ما وقع، ك " أجزت " و " أنفذت " و " رضيت " ونحو ذلك، بل يجري فيما إذا أخرج الساعي مقدار الزكاة، وما إذا أبرأ المرتهن الدين، وما إذا فك الراهن الرهانة، ونحو ذلك.