وأما لو لم يقع من الغاصب إلا البيع بعد البناء على كونه مالكا عدوانا فإجازة البناء ليس أمرها بيد المالك حتى يصح بالإجازة، ونفس الإجازة أيضا ليست مشرعة للملك ابتداء من دون أن يقع من الغاصب شئ تتعلق الإجازة به، بل لو قلنا بأن إجازة البناء أيضا بيد المالك فهذه تقتضي فساد المعاملة لا صحتها، لما تقدم أن وجه بطلان بيع الغاصب لنفسه هو قصده مالكية نفسه، فإن هذا القصد يقتضي عدم إمكان قصد المعاوضة الحقيقية، فتصحيح بيع الغاصب لنفسه لا يمكن إلا أن يكون قصد البيع لنفسه من الدواعي وكان المنشأ هو التبديل بين المالين الذي هو القابل لأن يصح بإجازة مالك المال.
وحاصل الكلام: أن قياس الإجازة على الإذن لا وجه له في المقام، فإن الإذن إنما يؤثر التمليك الضمني بسبقه لا بما هو إذن حتى يقال: كل ما يؤثر فيه الإذن تؤثر الإجازة فيه.
ثم لا يخفى عدم ورود إشكال التناقض بين كلامي المصنف (قدس سره) من قوله: (لأن الإذن في البيع يحتمل أن يوجب الملكية آنا ما اقتضاء) (1)، وقوله: (لأن الإذن في التملك لا يؤثر التملك فكيف إجازته؟) (2)، وذلك للفرق بينهما، إذ يمكن أن يكون الإذن في البيع بمنزلة إيجاب التمليك، ووقوع البيع من المأذون بمنزلة القبول عكس الاستدعاء والإيجاب في " أعتق عبدك عني "، وهذا لا يمكن في الإذن في التملك فإنه ليس إلا هو، ولم يتحقق من المأذون فعل آخر يكون أحد ركني العقد.
وعلى هذا فيظهر الفرق بين الإذن والإجازة أيضا بنحو ما ذكر، فإن الإجازة أيضا ليست إيجابا متأخرا إذا فرض عدم وقوع هبة من الغاصب لنفسه فضولا من قبل المالك.
ثم إنه كما لا يكون إجازة المالك متضمنا لتمليك الغاصب فيما لو بنى الغاصب أن المغصوب لنفسه ثم أوقع التبديل بين المالين فكذلك لا تؤثر في التمليك لو لم