وجعل ثمنها في ذمة زيد، أو باع منا من الحنطة سلما في عهدة زيد بدراهم لبكر.
وحكم الصورتين حكم ما لو باع العين الخارجية بدراهم خارجية - في أنه لو أجاز مالك الكلي أو من جعل الكلي في ذمته بيع الفضولي يقع للمجيز - لعدم الفرق بين العين الشخصية والكلية.
ثم إنك قد عرفت سابقا أن الكلي لا يعد مالا إلا إذا أضيف إلى ذمة شخص، والإضافة تتحقق بأحد من الأمور الأربعة:
الأول: بأن يقول: " بعت عشرة أمنان من الحنطة لزيد ".
الثاني: بأن يقصد كونها من زيد.
الثالث: بأن يضيف إلى ذمة زيد.
الرابع: بأن يقصد بيعها عن ذمة زيد، فإضافة البيع إلى الغير أو قصد البيع له يوجب صرف الكلي إلى ذمة ذلك.
كما أن تعيين ذمته لفظا أو قصد ذمته يوجب وقوع البيع له ولو لم يقل بأنه " بعت الكلي في ذمة زيد لزيد ". فعلى هذا لو أضاف الكلي إلى ذمة الغير، أو قصد هذا المعنى ثم قصد البيع لنفسه، أو تلفظ به كذلك يقع التنافي بينهما ظاهرا، مثلا لو قال: " اشتريت هذا لفلان بدرهم في ذمتي " أو: " اشتريت هذا لنفسي بدرهم في ذمة فلان " يقع التنافي، كما أنه لو قصد الشراء لفلان وأضاف إلى ذمة نفسه، أو قصد الشراء لنفسه وأضاف إلى ذمة غيره يقع التنافي بينهما ظاهرا.
وهذا لا إشكال فيه، إنما الإشكال في أنه هل تصح المعاملة مطلقا بإلغاء أحد القيدين، أو تبطل مطلقا، أو يفصل بين الشراء للغير بمال نفسه؟ فيقال بالبطلان مع احتمال الصحة بإلغاء أحد القيدين، وبين الشراء للنفس بمال الغير فيقال بالصحة بإلغاء أحد القيدين من دون احتمال البطلان، لأنه من قبيل بيع العين الشخصية التي هي من الغير للنفس. غاية الفرق بينهما أنه أتى هنا بالمنافي فيحتمل إلغاء كون المبيع لنفسه ووقوعه لفلان بإجازته. ويحتمل إلغاء قوله: " في ذمة فلان " ووقوعه لنفسه.