ولا يخفى أنه (قدس سره) أورد عليه أولا: بأن مجرد إنشاء العاقد متوقعا لإجازة المالك ليس تصرفا.
وتوضيح ذلك: هو أن التصرف في الأموال مختلف عرفا باختلاف الأثر المرغوب منها. فمثل الاستظلال تحت خيمة الغير يعد تصرفا فيها، بخلاف الاستظلال بحائطه، لأن الفائدة المعتدة بها من الفسطاط ليست إلا الاستظلال، بخلاف فائدة الحائط.
وإنشاء البيع ليس تصرفا في المبيع، سواء كان بلا إذن كالفضولي، أو معه كالوكيل في إجراء الصيغة، بل التصرف فيه عبارة عن إيجاد ما هو من شؤون المالك إيجاده: كتصرف نفس المالك بالبيع، أو بيع الوكيل المفوض، أو بيع الغاصب فإنه تصرف في المغصوب. وبيع المقامر فيما أخذه بالقمار، فإن الغاصب والمقامر يوجدان البيع حقيقة من قبل أنفسهما، ولا يفرقان بين ما ملكاه بالإرث والغصب أو القمار، فهما متصرفان في المبيع كتصرف المالك والوكيل المفوض، وهذا بخلاف الفضولي فإنه وإن كان قاصدا للبيع - أي ليس غالطا وهازلا - إلا أنه يرى نفسه نائبا عن المالك وهو متوقع لإجازته، لا بمعنى أنه يعلق بيعه على إجازته، بل بمعنى أنه يوجد مادة البيع القابلة للاستناد إلى المالك بإجازته.
وأورد عليه ثانيا: بأنه لو قيل بأن هذا تصرف فليس كل تصرف حراما، بل هو من قبيل الاستضاءة والاصطلاء (1) بنور الغير وناره مما استقل العقل بجوازه. ولكن لا يخفى أن هذين لا يعدان تصرفا، بل انتفاعا، وإلا لو كان تصرفا كالاستظلال تحت خيمة الغير فاستقلال العقل بجوازه ممنوع.
وأورد عليه ثالثا: بأنه قد يفرض المسألة فيما إذا علم الإذن فيه بشاهد حال أو قرينة مقال بناء على أن ذلك لا يخرجه عن الفضولي.