يتحقق منه هذا البناء بأن باع مال غيره لنفسه، أو اشترى بثمن غيره طعاما لنفسه، فإنه مضافا إلى عدم تحقق قصد المعاوضة الحقيقية لا تفيد الإجازة للتمليك، ولا تصحح المعاملة.
قوله (قدس سره): (ثم إن مما ذكرنا من أن نسبة ملك العوض حقيقة إنما هو إلى مالك المعوض، لكنه بحسب بناء الطرفين على مالكية الغاصب للعوض يظهر اندفاع إشكال آخر في صحة البيع لنفسه مختص بصورة علم المشتري.... إلى آخره).
لا يخفى أن معاملة الأصيل مع علمه بأن الطرف غاصب مستلزم لإشكالين:
أحدهما: نظير الإشكال المتقدم في قصد الغاصب، وهو: أن الأصيل كيف يقصد المعاوضة الحقيقية مع علمه بأن الطرف غاصب؟
وثانيهما: أنه مع حكم الأصحاب بأن في صورة رد المالك لا يجوز للأصيل استرداد الثمن من الغاصب كيف تؤثر إجازة البيع من المالك مع أنه بيع بلا ثمن؟
لأن الثمن الذي دفعه الأصيل إلى الغاصب لو كان عوضا عن المبيع لكان اللازم أن يرد إلى الأصيل برد المالك المعاملة الواقعة بينه وبين الغاصب، فعدم وجوب رده كاشف عن عدم جعلهما الثمن بإزاء المبيع.
أما الإشكال الأول فقد ظهر جوابه.
وأما الثاني فوروده يتوقف على أمور ثلاثة:
الأول: ثبوت هذا الحكم من الأصحاب، ولم ينقل إلا من بعضهم (1) فإن المسألة ذات أقوال ثلاثة:
قول بوجوب رد الثمن أو بدله إلى الأصيل (2)، لأنه سلمه إلى الغاصب وفاء للمعاوضة، فإذا بطلت من جهة رد المالك فيرد عينه إلى الأصيل في صورة بقائه، وبدله في صورة تلفه.
وقول بوجوب رده إليه إذا كان باقيا، لا بدله إذا كان تالفا (3).