وكيف كان فلا إشكال في الجملة أن للمالك الرجوع إلى المشتري، وإنما الكلام في رجوع المشتري إلى البائع، وقبل ذكر الأقوال ينبغي بيان ما يمكن به الاستدلال لرجوع المشتري إليه بعد استقرار الضمان عليه بمقتضى تعاقب الأيدي، وهو على ثلاثة وجوه:
الأول: قاعدة نفي الضرر.
الثاني: قاعدة التسبيب.
الثالث: قاعدة الغرور الدال عليها النبوي المعمول بين الفريقين، وهو قوله (صلى الله عليه وآله): " المغرور يرجع إلى من غره " (1).
وتقريب الأول: أنه لو لم يجز رجوع المشتري فيما اغترمه إلى البائع لزم الضرر عليه، وحيث إنه منفي في الشريعة فيحكم بضمان البائع له.
وبعضهم استشكل في اطراد القاعدة فيما إذا اغترم في مقابل المنافع المستوفاة.
وتقريب الثاني: أن البائع هو السبب لفوت المنافع، أو الأجزاء، أو الأوصاف على المالك، لضعف المباشر من جهة جهله كما هو المفروض.
وتقريب الثالث واضح، لأن البائع في المقام كمقدم طعام الغير للأكل. ولكنك خبير بما في الاستدلال بالقاعدتين الأوليين.
أما قاعدة الضرر فلما بينا (2) في محله أنها حاكمة على الأحكام الثابتة في الشريعة، ولا يمكن إثبات حكم بها لولا تشريعه لزم منه الضرر، فلو لم ينهض دليل