وقد يتفق أنه بعد وزن مقدار خاص يوضع مقدار من الرقي أو البطيخ فوق الموزون، لأن هذا مرجعه إلى هبة ذلك المقدار فلا يضر زيادته.
وكيف كان ففيما يوزن مع ظرفه ويباع المظروف فالجهل بمقداره لا يضر بصحة المعاملة. وعلى ما ذكرنا يصح الإندار، سواء باع المظروف جملة بكذا، أو باعه كل رطل بدرهم، فإنه بعد ما وزن المجموع وترك للظرف مقدارا وباع المظروف فسواء باعه جملة بعشرة دراهم أو باعه كل رطل بدرهم فقد لوحظ المبيع في الرتبة المتأخرة عن الإندار.
ثم لا يخفى أن قوله (قدس سره): بأن يقول: " بعتكه كل رطل بدرهم (1) " هو القسم الصحيح من أقسام العشرة من بيع الصبرة، وهو بيع الجملة كل قفيز بدرهم لا القسم الباطل، وهو بيع كل قفيز منها بدرهم، وعلى هذا فالمبيع في الحقيقة مجموع ما في الظرف، سواء قيل: " بعتكه بكذا وبعتكه كل رطل بكذا " ففي كلا القسمين بالإندار يتعين المبيع وما يستحقه البائع من الثمن.
فقوله (قدس سره): وقد علم مما ذكرنا أن الإندار الذي هو عبارة عن تخمين الظرف الخارج عن المبيع بوزن إنما هو لتعيين حق البائع، وليس حقا للمشتري.... إلى آخره (2) لا يستقيم، لما عرفت أن بالإندار يتعين كلا الحقين.
والعجب أنه (قدس سره) استظهر (3) من عبارة فخر المحققين: أنه جعل عنوان البحث هو الوجه الثاني، مع أنها لو لم تكن صريحة في أن الإندار في رتبة قبل البيع فلا أقل من ظهورها فيه! ولعل أمره (قدس سره) بالتأمل يرجع إلى ذلك.
وكيف كان فالمتيقن من الصحة هو ما اعتاد الإندار فيه بين التجار وتحقق رضا المتبايعين بالمقدار، لأنه ليس في البين دليل يدل بإطلاقه على صحته من دون تراض منهما.